Realtime Hit Counter

Sunday 27 March 2011

شيخ محمد عابد سنڌي ڊاڪٽر عبد القيوم سنڌي

Tahir Sindhi
شيخ محمد عابد سنڌي
ڊاڪٽر عبد القيوم سنڌي

مسند الحجاز ورئيس علماء المدينة
الإمام محمد عابد السندي الأنصاري
1190-1257هـ

إعداد

الدكتور / عبد القيوم بن عبد الغفور السندي
أستاذ مساعد بقسم القراءات – كلية الدعوة وأصول الدين
جامعة أم القرى – مكة المكرمة


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه ، أما بعد :
فهذه سطور في حياة المحدث الجليل، والفقيه النبيل، علامة بلاد السند، ومسند الحجاز، رئيس علماء المدينة، وسفير بلاد اليمن إلى مصر، الشيخ الإمام محمد عابد بن محمد علي الأنصاري السندي، لخصتها من رسالة جمعتها في ترجمة المذكور قبل بضع سنوات باسم :
(إرشاد القاري إلى حياة الشيخ محمد عابد الأنصاري) .
ولخصتها هنا بقصد نشر بعض فضائل ومناقب هذا المحدث الجليل والفقيه المجتهد النبيل، أسأل الله تعالى أن يجعلها خالصةً لوجهه الكريم، وأن يتقبلها مني، وينفع بها أهل العلم، إنه جواد كريم، وصلى الله وسلم على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
التمهيد :
بلاد السند في عصر الشيخ محمد عابد السندي :
(السند ) كلمة قديمة وكانت تطلق على بلاد الهند كلها، ولكن استعمال العرب لها كان مبهماً - نوعاً ما - حيث كانوا يطلقونها على المنطقة التي تقع شرق مكران، وكانت تشمل بلاد السند الحالية، وبلوجستان، والبنجاب الحالية، إلى بلاد كشمير( ).
ويتعلق الشيخ محمد عابد السندي بمدينة (سيوهن)، وهي بلدة على شاطئ النهر، شمال مدينة حيدرآباد السند، كانت معروفة بالعلم والثقافة، والمدنية والحضارة، أنجبت أعلاماً وأفذاذاً، وهي التي فيها ضريح العارف بالله العلامة الشيخ محمد عثمان المروندي (ت:745هـ) الشهير بـ"لال شهباز قلندر" صاحب التآليف الكثيرة .
يقول العلامة الحموي حول مدينة "سيوستان" : كورة كبيرة من السند وأول الهند على نهر السند، ومدينة كبيرة لها دخل واسع وبلاد كثيرة ( ).
وهذه المدينة عرفت بأسماء متعددة سابقاً، منها :
سيوستان وسيوان وسهوان وسيستان، كلها أسماء بلدة واحدة قديمة على اسم رجل من أمراء السند، وهناك أحد قلاعه المشهورة في قديم الزمان، وكان في القديم يحكمها ملوك (ألور) ، ثم صارت تحت إمارة ملوك (تته)( ).
وكانت ولادة الشيخ محمد عابد فيها في أسرة علمية معروفة في المنطقة بالصلاح والإصلاح والعلم والقضاء والفقه والفتيا في أواخر أيام حكام (كلهورة) المعروفين بـ(العباسيين) الذين اتحدت بلاد السند في عهدهم واستقرت حالة الاضطرابات التي نتجت عن الغارات الخارجية من قبل الفرس والأفغان .
وكان للعباسيين أحد عشر مركزاً حكومياً، تعمرت في أيامهم مدن كثيرة، وتم التخطيط لرفاهية الشعب وإحياء الأراضي، وارتقى في عهدهم العلم والأدب، وتطورت اللغة السندية، وكثر التأليف فيها، ووضعت لها قواعد وحروف، وأُخِذَ رسمها من اللغة العربية، ومن ثم تعتبر أيامهم (الأيام الذهبية) من الناحية العلمية والأدبية، ومن الناحية الأمنية والرخاء كذلك .
وكان لأمثال الشيخ أبي الحسن السندي (صاحب السندية)، وضياء الدين السندي، وعبد الله التركي، ومحمد زمان الأول (صاحب لواري) (ت:1188هـ)، ومحمد هاشم السندي (ت:1174هـ)، وعبد الرحيم الكرهوروي (ت:1192هـ) وغيرهم أياد بيضاء في توعية أبناء السند دينياً وتثقيفهم إسلامياً وتقويمهم خلقياً وسلوكياً، حيث ألفوا عشرات المؤلفات باللغة السندية (لغة البلاد الأم) في الفقه والفرائض والثقافة والسلوك .
وفي أيام (كلهورة) صدر أمر حكومي( ) بجهود المصلح الكبير والمحدث الشهير الشيخ محمد هاشم التتوي السندي مؤكداً على رجال الحكم تنفيذ القرارات التالية :
1- يمنع عقد المآتم وصنع التابوت في أيام عاشوراء .
2- يمنع بيع جميع أنواع المسكرات والمخدرات وتعاطيها .
3- يمنع الاختلاط بالمرد والبغايا والمخنثين .
4- يمنع خروج النساء وذهابهن إلى المقابر والأضرحة .
5- يمنع النعي للأموات والصراخ في حالات الوفيات .
6- يمنع الهندوس من كشف الركب والأفخاذ وقت جلوسهم في الدكاكين والأسواق .
7- يمنع رسم وتصوير ذوي الأرواح .
8- يمنع المسلمون من قص اللحى - دون القبض - وتطويل الشوارب .
9- يمنع الهندوس من ممارسة عبادة الأصنام والسجدة لها، والإعلان عن أيام عبادتهم المعروفة.
10- تنفذ هذه الأحكام حتى ولو باستعمال القوة والعنف ويعزر من يخالف ذلك .
11- على رجال الحكم والموظفين بالدولة أن يحثوا المسلمين على أداء الصلوات والصيام والعبادات الأخرى( ).
وقد غير صدور هذا الأمر الحكومي وضع المسلمين من الناحية الدينية والعملية، بل تحسنت أوضاع مواطني البلاد عموماً، وكثرت في أيامهم المدارس الدينية والمساجد الإسلامية والمكتبات العلمية كذلك، وكانت الحكومة تشجع المواطنين على ذلك .
وقد انتهى عهدهم الزاهر عام : 1198هـ الموافق : 1782م، قبل دخول الإنجليز فيها، وتولى أمر السند بعدهم (تالبور)( ) الذين انتهى عهدهم في 1843م بدخول الإنجليز في السند واستعمارهم لها بعد مناورات( ).
بلاد العرب في عصره :
لقد هاجرت أسرة الشيخ محمد عابد من بلاد السند إلى بلاد العرب، وحطت رحالها بادئ ذي بدءٍ في بلاد اليمن، ولم تكن اليمن مقصودةً بالذات للاستيطان، وإنما الغرض الأساس والهدف الأسمى هو استيطان بلاد الحجاز ومجاورة الحرمين الشريفين .
والذي يدل على ذلك هو اختيار جده - شيخ الإسلام محمد مراد - مدينة جدة للإقامة بعد قضاء وطره من مناسك الحج والزيارة -كما سيأتي- .
وإن كان أكثر قيام الشيخ محمد عابد ببلاد اليمن، وخاصة بمدينة (زَبِيد)( )، إلا أن الغرض من ذلك هو التحصيل العلمي والاستفادة من علماء اليمن، حيث سافر عمه الشيخ محمد حسين - بعد وفاة والده - إلى هناك، وكان الشيخ محمد عابد ملازماً لعمه ومرافقاً له في أسفاره حيث كان والده الشيخ أحمد علي انتقل إلى رحمة الله ، فبدأ يتتلمذ على عمه ويأخذ منه العلوم والفنون .
* وكانت بلاد اليمن يتزعمها أئمة الزيدية - آنذاك -، وكانوا معروفين بولائهم للعثمانيين، ومعاداتهم لأهل نجد، وكان الشريف حمود بن محمد بن أحمد الحسني التهامي (1170-1233هـ)( ) أميراً من أشراف تهامة اليمن( )، وكانت له ولأسلافه ولاية (المخلاف السليماني)( ).
وفي أيامه استولت جيوش (تعزّ)( ) على البلاد المجاورة له، فقاتلهم فهزموه، ثم انضوى إلى لوائهم وقام بالدعوة لآل سعود ، فاستولى على : اللحية والحديدة وزبيد وما يليها من مدن اليمن وقُراها، واستقل بولاية أبي عريش وصبيا وخمد والمخلاف السليماني، واختط مدينة (الزهراء) وبنى قلائع وأسواراً ، ثم انقلب على آل سعود ونشبت بينه وبين أنصارهم في اليمن حروب انتهت باستقراره أميراً على بلاد تهامة مستقلاً ( ).
وكانت إمارة الأجناد الإمامية وولاية مدينة (صنعاء) في تلك الأيام للمتوكل على الله أحمد بن علي بن عباس، وكان من أئمة الزيدية الذي بويع بصنعاء بعد وفاة أبيه المنصور بالله سنة:1224هـ، واشتهر باسم (الملك العادل)، إلا أن الشريف حمود كان قد تغلب على أكثر البلاد اليمنية، أما في جزيرة العرب فقد كانت شوكة الإمام سعود بن عبد العزيز (رحمه الله) قوية( ).
وتزعم بعد المتوكل على الله ابنه المهدي عبد الله (1208-1251هـ) ، حيث بويع بعد وفاة والده، وكان شديداً فتاكاً دانت له اليمن رغبة ورهبة، وأعادت إليه حكومة الأتراك بلاد تهامة سنة: 1234هـ ، وفي أيامه بني جامع بصنعاء بمرافقه من حمامات ومساكن لطلاب العلم( ).
** وفي مكة كانت الإمارة بيد الشريف غالب بن مساعد بن سعيد الحسني (1231هـ) وقد وليها بعد وفاة أخيه سرور سنة : 1202هـ، ونازعه ابن أخيه عبد الله بن سرور فقبض عليه غالب واستتب له الأمر زمناً، وفي أيامه قوي الإمام سعود بن عبد العزيز بنجد فهاجمت جيوشه الحجاز فقاتلهم الشريف غالب وتقهقر إلى جدة، ثم أظهر الطاعة للإمام سعود حتى كان كأحد عماله، وعاد إلى مكة واستمر في الإمارة إلى أن زحف محمد علي باشا (والي مصر) بجيش كبير من الأتراك وغيرهم لقتال السعوديين، فتحول الشريف عن ولائه لآل سعود، فاستخدمه محمد علي مدة قصيرة ثم قبض عليه وأرسله إلى مصر سنة : 1228هـ فأقام هناك أشهراً ، ثم أرسل إلى الآستانة فنفته حكومتها إلى سلانيك حيث توفي( ).
*** أما بلاد مصر فقد كانت بيد محمد علي باشا (1184-1265هـ) المعروف بمحمد علي الكبير مؤسس آخر دولة ملكية بمصر، وقد تولاها، وضم معظم بلاد السودان إليها، وأنشأ بالإسكندرية دار صناعة (ترسانة) للسفن، واضطرت الدولة العثمانية لتوسع السعوديين في الحجاز وغيره فانتدبته مع والي بغداد والشام لحربهم فكانت له معهم وقائع، وقد كثرت في أيامه المدارس والمعامل في مصر، وهو الذي بدأ بإرسال البعثات إلى أوربا لتلقي العلم بها، وكان يحتم على من يدخل في خدمته من الإفرنج أن يتزيوا بالزي العربي المصري ، ويتكلموا باللغة العربية ويؤلفوا فيها أو ينقلوا كتبهم إليها ( ).
ومحمد علي باشا (والي مصر) هذا هو الذي بُعث الشيخُ محمد عابد في أيامه سفيراً لليمن إلى مصر، وهو الذي أسدى إلى الشيخ رياسة علماء المدينة المنورة حيث قضى بقية أيامه بالمدينة في غاية عز وكرامة ( ).
اسمه ونسبه :
هو الإمام المحدث المسند، الحافظ الفقيه المتبحر: أبو عبد الله( ) محمد عابد ( ) بن أحمد علي( ) بن شيخ الإسلام محمد مراد بن الحافظ ( ) محمد يعقوب بن محمود الخزرجي الأنصاري الشامولي المدني السندي.
هكذا وجدنا سلسلة نسبه بأسماء مركبة من عَلَمَين( )، وذلك جرياً على ديدن أهل السند والهند، بل هو ما تعارف عليه الأعاجم قاطبة إلى عصرنا هذا .
ولذلك نرى العلامة الشوكاني (رحمه الله) يقول :
"وله - يقصد الشيخ محمد عابد - اسمان، ولجده اسمان، وذلك عرفهم"( ).
أما ما ساقه الشيخ محمد زبارة في نيل الوطر(2/279) في سلسلة نسب الشيخ مفرقاً بين اسمه واسم أبيه وجده بلفظ (ابن) فخطأٌ.
وقد وقع في مثله العلامة الزركلي صاحب "الأعلام" (6/179).
كما فرق الشيخ الحسن الضمدي في حدائق الزهر (ص : 152) بين اسم أبيه …
الأمر الذي يشتبه على كثير من المؤلفين العرب( ).
و(الأنصاري) : في نسبه نسبة إلى أنصار المدينة، حيث تنتهي سلسلة نسبه إلى الصحابي الجليل أبي أيوب الخزرجي الأنصاري ()( )، ومن ثم كان عمه (الشيخ محمد حسين بن محمد مراد) يلقب نفسه بـ"الأبي أيوبي" ( )، كما أن الشيخ نفسه درج على تلقيب نفسه بقوله : (الأيوبي) في كثير من مؤلفاته وكتاباته، وإليه أشار الشيخ عاكش الضمدي بقوله : " محمد عابد بن الشيخ أحمد الأبوي" ( ).
أما نسبة (الشامولي) فلم أهتد إليها، غير أن الشيخ استعملها في خطبته لكتاب جده شيخ الإسلام محمد مراد (دفينة المطالب…) والتي كتبها في ربيع الآخر سنة : 1249هـ، وعبارته فيها :
" … فيقول الفقير الحقير الراجي إلى رحمة ربه الباري محمد عابد بن المرحوم الشيخ أحمد علي بن المرحوم العلامة الفهامة العالم الهمام الذي صار لجميع العلوم كالختام مفيد الطالبين قدوة السالكين الشيخ محمد مراد الواعظ الأنصاري الأبو أيوبي الخزرجي الشامولي أني لما اطلعت… ( ) .
أما لقبه بـ(المدني) : فهو ما عليه أكثر المترجمين له، وانفرد صاحب (نيل الوطر) بتلقيبه بـ(المكي) ( ).
والحق الذي لا محيد عنه أن الشيخ محمد عابد استوطن المدينة المنورة في آخر أيامه حيث ترأس علماءها، وبها توفي، وهناك وَقَف جميع كتبه.
ولادته ونشأته :
ولد الإمام محمد عابد في حدود عام : 1190هـ( ) ، بمدينة العلم والثقافة ، والشرف والحضارة مدينة (سيوهن)( ) من بلاد السند الشهيرة بالعلم والعلماء والمشايخ.
ومن حسن الحظ أن يولد الشيخ في بيت العلم والفضل والشرف والدين حيث اشتهرت الأسرة بذلك، فأبوه عالم، وعمه فاضل مشهور وطبيب حاذق، أما جده فقد كان ملقباً بـ"شيخ الإسلام".
يقول الإمام الشوكاني في مدح والده وعمه وجده :
" ووالده كان له حظ في العلم، وأما جده فمن أكابر العلماء له تصانيف حكاها عنه حفيده صاحب الترجمة ...وكان عمه مشهوراً بعلم الطب مشاركاً في غيره" ( ).
ويقول العلامة اللكنوي :
" هاجر جده مع رهطه إلى أرض العرب ، وكان يلقب بـ"شيخ الإسلام" وكان من أهل العلم والصلاح ..." ( ).
وقد وصف الشيخ محمد عابد جده بقوله : " العلامة الفهامة العالم الهمام الذي صار لجميع العلوم كالختام ، مفيد الطالبين ، وقدوة السالكين ..." ( ).
كما وصفه في موضع آخر بقوله :
" الحافظ الإمام المحقق ولي الله تعالى العارف الشيخ محمد مراد ..." ( ).
هذه هي أسرة الشيخ، وهؤلاء هم رجالها، فهي أسرة كريمة عزيزة، تتسم بالعلم والفضل والفطنة والذكاء والزهد والورع، والاشتغال بما ينفع خلق الله، وقد كانت الأسرة معروفة بكل ذلك مشهورة بالتطبيب في مقر إقامتهم ببلادهم قبل أن يهاجروا إلى البلاد العربية .
وكان بسبب شهرة جده - شيخ الإسلام - العلمية أن بنى ريحان الوزير( ) له مسجداً بمدينة جدة ، وبنى بجواره مسكناً له ورباطاً للمساكين.
يقول العلامة اللكنوي في ترجمة الشيخ محمد حسين :
"ذكره الشيخ رفيع الدين المراد آبادي( ) في كتابه (أخبار الحرمين) وقد أدركه بجدة سنة : 1202هـ حيث كان أسس ريحان الوزير لوالده محمد مراد الرباط والمسجد والمسكن ، وكان له خزانة عامرة بالكتب النفيسة .." ( ) .
ويقول الشيخ الترهتي ( ) في وصف أسرة الشيخ محمد عابد :
"...كان هؤلاء الرهط ومن يعرف من أوائلهم وأقدميهم موصوفين بالخير وحظ وافر من العلم - رحمهم الله - " ( ).
هكذا نشأ الشيخ محمد عابد هذه النشأة الطيبة المرضية في هذه الأسرة العلمية الكريمة التي لها جذورها العميقة في بلادها، وماض مجيد، وخدمات علمية وإنسانية في وطنها.
ومن الطبيعي أن الناشئ في بيت علم وفضل يتشرب تلك المعاني السامية، ويتغذى مكارم الأخلاق وحب الفضيلة وأهلها منذ نعومة أظفاره، وقد كانت آثار ذلك كله واضحةً على شخصية الشيخ وفي حياته العلمية والعملية كلها ، حيث كان منكباً على العلم والتحصيل في صباه وطفولته، كما كان حريصاً على الإنتاج والإفادة في شبابه وكهولته، فإنتاجه العلمي وإثراؤه المكتبة الإسلامية بعشرات المؤلفات في مجلدات ضخام لخير شاهد على ذلك.
بداية تحصيله :
لم تذكر المراجع - التي بين يدي الآن - شيئاً عن بداية تعليمه وتحصيله، متى وأين كانت البداية ؟ وعلى مَنْ مِنْ شيوخه ؟؟.
غير أن الشيخ - رحمه الله - ما دام تولد في بيت العلم ورجاله - فأبوه عالم وعمه من الأفاضل وجده شيخ الإسلام - فلا أرى أن مثله يحتاج إلى أن يترك أعلام بيته ويتعداهم في صغر سنه للتحصيل وطلب العلم إلى غيرهم ! .
ومن ثم نجزم بالقول أن بداية دراسته كانت في منزله، وعلى واحد من أولئك الأعلام وجبال العلم.
وقد ذكر بعض كتب التراجم أنه قرأ على علماء بلاده دون تسمية أحد منهم ( ).
والذي يظهر من تآليف الشيخ محمد عابد أن أكثر استفادته كان من عمه الشيخ محمد حسين الأنصاري حيث كان ملازماً له في أسفاره إلى بلاد اليمن ، كما يظهر ذلك جلياً من كلام الشيخ نفسه في ثبته الشهير ( حصر الشارد ) حيث يروي كثيراً من كتب الحديث والتفسير والقراءات والفقه وغيرها عن عمه المذكور.
ومن ثم يقول العلامة اللكنوي :
"...فقرأ الشيخ محمد عابد أكثر ما قرأ على عمه محمد حسين بن محمد مراد..." ( ).
وبالتأكيد تكون بداية دراسته بقراءة القرآن الكريم، ولكن على من قرأ القرآن الكريم ؟ .
فالذي يبدو أنه قرأ على عمه المذكور سابقاً - الشيخ محمد حسين -، حيث ذكر هو بنفسه في ثبته (حصر الشارد) أنه قرأ القرآن الكريم من فاتحته إلى خاتمته بالقراءات السبع المتواترة بمضمن القصيدة الشاطبية قراءة تحقيق وبيان وتجويد مراراً متعددةً على عمه المذكور( ).
كما استفاد - رحمه الله - كثيراً من علماء اليمن أيام إقامته بمدينة (زبيد)، ثم بـ(ـصنعاء)، واستفاد في رحلاته إلى الحجاز من علماء الحرمين الشريفين وما جاورهما من المدن وأخذ العلم عن علماء المذاهب الأربعة وغيرهم.
شيوخه وأساتذته :
لقد كان الشيخ محمد عابد - رحمه الله - على دأب أهل العلم وسيرتهم ، وينتهج منهجهم في طلب العلم والفضيلة لا يمنعه من ذلك مانع ، فدأب السلف طلب العلم من كل من اتصف به صغيراً كان منه أو كبيراً ، لا ينظرون إلى جنس أو عرق أو لون ، ولا يهمهم إلا الاستفادة العلمية .
قال الشيخ الترهتي :
"أقام الشيخ عابد بزبيد دارة علم لليمن معروفة ، واستفاد بعد عمه من علمائها ، واقتبس من أشعة عظمائها ومن غيرهم من علماء الحجاز الذين كانوا ربيع آكامه وخصب أهضامه وزهر رياضه وترع حياضه ..." ( ).
ونحن نرى في حياة الشيخ وسيرته أنه أخذ العلم عن شخصيات عديدة من أجناس عديدة ، حتى لم يمنعه كِبرُ سنِّهِ من الاستفادة والتحصيل ، فقد ذكر العلامة الكتاني( ) أنه أخذ عن العارف الكبير أبي العباس أحمد بن إدريس دفين (صبيا) باليمن بعد رجوعه من مصر( ).
وسيأتي ضمن رحلاته أن رجوعه من مصر كان في سنة : 1233هـ وكان قد جاوز الأربعين من عمره حينذاك !.
وقال الكتاني - بعد ما ذكر شيوخه ومن عليه مدار روايته - :
"وهذا مما يدل على توسعه في مقام الرواية ليكون قدوة لأمثالنا الآن ..." ( ).
وفيما يلي نكتفي بذكر أسماء من اطلعنا على اسمه من شيوخه وأساتذته، سواء أخذ الشيخ عنهم عرضاً أو سماعاً ، أو استجازهم وروى عن بعضهم بعض مؤلفاته، مرتبة على الحروف الأبجدية، وقد تعرضنا لتراجمهم بشيء من التفصيل في (إرشاد القاري).
1- الشيخ أبو العباس أحمد بن إدريس العرايشي الحسني (1172-1253هـ)( ).
أخذ عنه في اليمن بعد عودته من مصر ، إلا أنه لم يذكره في ثبته (حصر الشارد) ، والمذكور من ذرية الإمام إدريس بن عبد الله المحض.
2- السيد أبو القاسم بن سليمان الهجام .
3- السيد أحمد بن سليمان الهجام .
روى عنهما الشيخ محمد عابد بعض الكتب في ثبته (حصر الشارد) .
وعدهما العلامة الكتاني من شيوخه في (فهرس الفهارس :1/364) .

وذكر الضمدي ثانيهما ضمن شيوخ الشيخ عبد الرحمن بن سليمان الأهدل( ) .
4- الشيخ حسين بن علي المغربي (مفتي المالكية بمكة)، توفي بمكة المكرمة في نيف وثمانية وعشرين ومائتين وألف من الهجرة النبوية ( ).
5- المحدث العلامة الشيخ صالح بن محمد بن نوح بن عبد الله بن عمر العمري الفلاني (1166-1218هـ)، وهو أكثر مشايخ الشيخ محمد عابد رواية عنه ( ).
6- الشيخ صديق بن علي المزجاجي الزبيدي الحنفي (1150-1209هـ) ( ).
7- السيد العلامة الحافظ الوجيه عبد الرحمن بن سليمان بن يحيى بن عمر بن عبد القادر الأهدل الطالب الحسيني الزبيدي (1179-1250هـ) ( ).
8- الشيخ السيد عبد الرزاق البكاري صاحب القطيع .
ذكره الشيخ محمد عابد في آخر ثبته (حصر الشارد) من شيوخه الذين عليهم مدار روايته في الثبت المذكور ( ).
9- الإمام العلامة الحافظ عبد الله بن محمد بن إسماعيل الأمير الحسني الصنعاني (1160-1242هـ) ( ).
10- الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب النجدي الحنبلي (1165-1242هـ) .
يروي عنه الشيخ محمد عابد كتاب ( القرى لقاصد أم القرى ) لمحب الدين الطبري ( ) .
11- الشيخ عبد الملك بن عبد المنعم بن تاج الدين القلعي المكي (ت:1228هـ)( ).
12- العلامة الشيخ محمد حسين بن محمد مراد الأنصاري السندي، عمه (صنو أبيه)، توفي في الحديدة (باليمن)، في حدود 1203هـ ( ).
13- الشيخ محمد طاهر بن محمد سعيد بن محمد سنبل المكي الحنفي (ت:1218هـ)( ).
حصل الشيخ محمد عابد على إجازة عامة منه في موسم حج عام : 1211هـ بمكة المكرمة.
14- الإمام الحافظ الحجة محمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني الصنعاني ( ).
قرأ عليه كتباً كثيرة، منها هداية الأبهري وشرحها الميبذي وغيرها.
15- العلامة يوسف بن محمد بن علاء الدين المزجاجي الزبيدي الحنفي (1140-1213هـ)، وهو أعلى شيوخه إسناداً من علماء زبيد ( ).
تلامذته ومجازوه :
لقد درَّس الإمام السندي في كثير من مدن اليمن وقراها، وكذلك في الحرمين الشريفين، كما استفاد منه خلق كثير في أسفاره ورحلاته، ومن الصعب جداً حصر أولئك الأعلام الذين تخرجوا على يديه واستفادوا من علومه.
وكان أكثر استفادة منه أهل المدينة المنورة وزوارها، حيث استقر به المقام في آخر أيامه، وتولى رئاسة علمائها من قبل خديوي مصر (محمد علي باشا) .
وكان شغله الشاغل في أيامه الأخيرة تدريس كتب السنة المطهرة على العموم، والأمهات الست على وجه الخصوص، حتى ذكر أنه كان يختم الكتب الستة في خلال ستة أشهر فقط، بمعنى أنه كان يختمها مرتين في كل سنة، بل ذكر العلامة الشيخ حسن الحلواني المدني (رحمه الله) أنه سمع على الشيخ عابد الكتب الستة في شهر واحد، وأخذها عنه دراية في ستة أشهر( ).
وكان الشيخ عابد - رحمه الله - يفتخر بتصديه لتدريس صحيح الإمام البخاري، ويفتخر بعلو إسناده في ذلك ، فكان يقول : "لمثلي فليسع، لأن بيني وبين البخاري تسعة "( ) .
ومما لاشك فيه أن عدد تلامذة الشيخ - رحمه الله - يتجاوز المئات، بل الألوف لمكانته العلمية وأهمية مستقره بالمدينة المنورة .
ونحن نورد هنا أسماء من عثرنا على ذكرهم في بعض كتب التراجم والأسانيد ممن استفاد من الشيخ رواية أو دراية حسب الترتيب الأبجدي ، وينظر لتراجمهم الأصل (إرشاد القاري).
1- الشيخ إبراهيم بن حسين المخلص .
لم أجد له ترجمة إلا أن في مكتبة الحرم المكي إجازة للشيخ محمد عابد له( ).
2- الشيخ إبراهيم بن عبد القادر بن أحمد الرياحي التونسي أبو إسحاق البرهان (1180-1266هـ) ، وهو ممن أجاز له الشيخ عابد ( ).
3- الشيخ إبراهيم بن محمد سعيد بن مبارك الفَتَّه المكي (1204-1290 ) ( ).
4- شيخ الإسلام شهاب الدين أحمد عارف الله بن حكمة الله التركي الحنفي الحسيني الإسلامبولي، الشهير بعارف حكمت (1200/1201- 1272/1275هـ) ( ).
يروي عامة عن الشيخ محمد عابد السندي، وقد كتب له الإجازة مرتين، إحداهما عامة في شهر ربيع الآخر سنة : 1235هـ، والأخرى خاصة في رواية كتاب "الوصايا النبوية " لشيخه عبد الرحمن بن سليمان الأهدل، في جمادى الأولى سنة :1235هـ.
5- الشيخ أشرف علي بن سلطان علي الحسني الحيدر آبادي .
ذكره الشيخ الكتاني في "فهرس الفهارس" وقال :
" أجاز له الشيخ عابد وأجاز هو لولده حسنين الذي أجاز لنا كتابة من الهند "( ).
6- الشيخ جمال بن عبد الله بن عمر المكي الحنفي (ت:1284هـ)( ).
قال الكتاني : وقد أجاز له الشيخ عابد ( ).
7- الشيخ حسن الحلواني المدني .
من كبار تلاميذ الشيخ محمد عابد، وقد لازم درس الشيخ في الكتب الستة، وسمعها عليه مراراً، وهو راوي قول الشيخ محمد عابد : "لمثلي فليسع لأن بيني وبين البخاري تسعة" ( ).
8- الحافظ القاضي الحسن بن أحمد بن عبد الله عاكش الضمدي (1221-1289هـ)( ) أخذ عن الشيخ محمد عابد السندي صحيح البخاري وشمائل الترمذي.
9- الشيخ حسين بن إبراهيم بن حسين بن عابد الأزهري المغربي المالكي (1222-1292)، وهو ممن أجاز له الشيخ محمد عابد ( ).
10- الشيخ داود بن سليمان البغدادي الخالدي الشافعي النقشبندي، المشهور "بابن جرجيس" (1231-1299هـ) ( )، قال الكتاني " أجاز له الشيخ عابد عامة كما صرح بذلك في إجازته للشيخ أبي الخير الخطيب الدمشقي..." ( ).
11- العلامة داود بن عبد الرحمن حجر مقبول الأهدل الزبيدي (ت:1314هـ).
عده العلامة الكتاني من كبار تلامذة الشيخ محمد عابد ( ).
12- العلامة الشيخ سليمان بن محمد الشوبري الجداوي، الخطيب والإمام بالحرم المدني .
عدَّه الكتاني ممن يروى عامة عن الشيخ عابد ( ).
13- الشيح أبو البركات صافي بن عبد الرحمن الجفري المدني .
أجاز له الشيخ عابد، وقد سمع منه حديث الأولية ( ).
قال الكتاني : " والسيد الجفري المذكور آخر من كان بقي في الدنيا ممن رواه عنه- يعني الشيخ محمد عابد" ( ).
14- الشيخ صديق بن عبد الرحمن بن عبد الله كمال الحنفي المكي ( ).
وهو ممن روى عن الشيخ عابد -رحمه الله -( ).
15- الشيخ عباس بن جعفر بن صديق .
يروي بالإجازة العامة عن الشيخ محمد عابد السندي كما ذكر ذلك في إجازته للشيخ عبد الستار الدهلوي المكي( ).
هذا، ولم اطلع على ترجمة له بعد .
16- الشيخ عبد الغني بن أبي سعيد بن العارف بالله الصفي العمري المجددي الدهلوي المدني (1235هـ – 1296هـ) .
أسند الحديث عن الشيخ محمد عابد السندي، والشيخ أبي زاهد إسماعيل بن إدريس الإسلامبولي المدني، وهما عمدته في الرواية ( ).
وقد أجاز له الشيخ محمد عابد عامة - بعد ما قرأ عليه بعض صحيح البخاري ومسلسلات ثبته في ربيع الأول سنة : 1250هـ( ).
17- الشيخ عبد الله أمكنه بن السيد محمد عبد الله البخاري المكي الشهير بـ"كوجك" (ت:1297هـ) ، حضر درس الشيخ محمد عابد السندي في قراءة صحيح الإمام البخاري وأجازه بسائر مروياته( ).
18- الشيخ عليم الدين بن رفيع الدين العمري القندهاري الحيدرآبادي (ت:1316).
ذكره الكتاني في فهرسه ضمن كبار تلامذة الشيخ محمد عابد ( ).
19- الشيخ أبو الفضل عبد الحق بن فضل الله العثماني البنارسي الهندي (1206-1286هـ)، أجاز له الشيخ محمد عابد عامة في صنعاء عام 1238هـ ( ).
20- الشيخ عبد الجليل بن عبد السلام بن عبد الله برادة المالكي الفاسي المدني.
ذكره العلامة عبد الحي الكتاني في فهرسه ضمن من تتلمذ على الشيخ محمد عابد وشملته إجازته العامة، وذكر ذلك أيضاً العلامة عبد الستار الدهلوي في ترجمة المذكور ( ).
21- الشيخ المولوي غلام حسنين بن حسين علي بن عبد الباسط القنوجي ( ) .
22- الشيخ الإمام القاسم بن أمير المؤمنين المتوكل على الله أحمد بن المنصور بالله علي بن المهدي العباسي اليمني من أئمة اليمن (1211-1239هـ)، ( ) قرأ على الشيخ محمد عابد السندي بلوغ المرام .
23- أبو علي محمد ارتضى علي خان القاضي العمري الصفوي البخاري المدراسي الهندي.
عده الكتاني من كبار تلاميذ الشيخ محمد عابد ، وذكر أنه أجاز له عامة مؤلفاته ( ).
24- الشيخ المعمر محمد أمين الحسني النويني الشرواني النقشبندي .
ذكره الكتاني ضمن كبار تلامذة الشيخ محمد عابد السندي ( ).
25- الشيخ محمد أمين بن عمر بالي زاده الحنفي المدني (ت: 1304هـ).
ذكره العلامة الكتاني في فهرسه ضمن تلامذة الشيخ محمد عابد ( ).
26- الشيخ محمد برهان الحق بن محمد نور الحق الأنصاري اللكنوي الهندي (ت:1286هـ).
قال الكتاني: "اجتمع بالشيخ عابد واستكتب ثبته (حصر الشارد) واستجازه فيه فكتب له إجازة بخطه على ظهر ثبته، والنسخة موجودة بفرنجي محل من الهند" ( ).
27- الشيخ محمد حسين بن محمد صالح جمل الليل المكي .
ذكره العلامة الكتاني في فهرسه وقال : يروى عن الشيخ عابد عامة وأجاز هو لأحمد رضا علي خان الهندي وغيره ممن أجاز لنا ( ).
28- محمد حيدر بن ملا محمد مبين الأنصاري الحيدرآبادي الهندي (ت:1256هـ).
سافر إلى المدينة المنورة قبل الحج سنة : 1240هـ، فأسند الحديث بها عن الشيخ محمد عابد السندي وغيره ( ).
29- الشيخ محمد بن خليل أبو المحاسن القاوقجي الطرابلسي (1224-1305 هـ).
قال الكتاني : "هذا الرجل هو مسند بلاد الشام في أول هذا القرن ، وعلى أسانيده اليوم المدار في غالب بلاد مصر والشام والحجاز ( ).
30- الشيخ محمد زمان الثاني بن كُل محمد اللواروي السندي (1199-1247هـ).
قال الكتاني : أجاز له الشيخ عابد عامة كما أخذ عنه الشيخ عابد الطريقة النقشبندية( ).
31- الشيخ محمد عبد الله بن علي عثمان حميد العامري النجدي الحنبلي (ت:1295هـ).
يروي عن الشيخ محمد عابد بالإجازة العامة( ).
32- الشيح الحاج محمد مبارك ، قرأ على الشيخ محمد عابد في أوائل الأمهات الست وبعض المسلسلات واستجازه فأجاز له الشيخ وكتب له الإجازة في بندر الحديدة سنة : 1223هـ( ).
33- الشيخ محمد بن ناصر الحازمي الحسني التهامي الضمدي (ت:1283هـ) ( ).
34- الشيخ مصطفى إلياس الحنفي المدني .
والد المفتي تاج الدين المدني، ذكره صاحب فهرس الفهارس ضمن كبار تلامذة الشيخ محمد عابد ( ).
35- الشيخ السيد هاشم بن الشيخ الحبشي الباعلوي المدني ( ).
36- الشيخ حسن البيطار الدمشقي (انظر : إتحاف الإخوان مختصر مطمح الوجدان في أسانيد الشيخ عمر حمدان للفاداني ، ص : 55) .
رحلاته وأسفاره :
1- رحلته الأولى إلى الحجاز :
تذكر كتب التاريخ والتراجم أولى رحلات الشيخ محمد عابد –رحمه الله- إلى الحجاز.
و هي رحلته مع والده وجده وعمه، بل مع أسرته كلها إلى الحرمين الشريفين، وكان جده -شيخ الإسلام محمد مراد - رحمه الله تعالى - هو رب الأسرة، وكان ينوي الهجرة التامة من بلاد السند واستيطان الحرمين الشريفين – ولم تكن هجرته هذه عن بلاده إلا لحبه لبلاد الحرمين الشريفين، وإلا فقد كانت له ولأسرته كلها مكانة عظيمة ومنزلة عالية في بلادهم، حيث كانت الأسرة معروفة بالعلم والفضل، وكانت صلتهم قويةً ومباشرة لمجاوريهم حيث كان مطبهم معروفاً في الناس على عادة علماء تلك البلاد حتى إلى الآونة الأخيرة حيث كانوا يجمعون بين العلم الديني وبين حرفة دنيوية لئلا يكونوا عالة على الناس فتتأثر الدعوة الإسلامية، وتتعثر .
ولذلك نرى حب الناس للعلماء الأوائل في عصورهم، بل لا تزال آثار ذلك في قلوب الناس إلى هذا الزمن، فترى ألسنة العوام والخواص رطبة بذكر أولئك الأفاضل، ومن ثم كان لكلمتهم وقع عظيم في قلوب الناس، سواء من الناحية الدينية - في الاستفتاءات -، أم من الناحية الدنيوية - في فصل خصوماتهم ونزاعاتهم العرقية والعائلية، فكانوا هم حكاماً، وقضاة، وعلماء، وأطباء : جسديا وروحيا، وكانوا هم مربّيهم علمياً وعملياً وسلوكياً.
وعلى كل فلم تكن هجرة شيخ الإسلام –رحمه الله- لظروف اجتماعية أو اقتصادية أو ما إلى ذلك ...
ويبدو لي أن الشيخ محمد عابد -رحمه الله- كان صغير السن آنذاك، وفي تلك الحقبة من الزمن، حيث كان يتتلمذ على والده وعلى عمه، ولم تحدد كتب التاريخ سِنَّه، كما لم تحدد عام الهجرة بالضبط، ولكن يبدو لي – والله أعلم - أن الهجرة كانت في أواخر القرن الثاني عشر، أو في أوائل القرن الثالث عشر الهجري، حيث ذكر الشيخ رفيع الدين المراد آبادي في كتابه " أخبار الحرمين" أنه أدرك عمه الشيخ محمد حسين بن شيخ الإسلام محمد مراد في جدة سنة:1202هـ( ) ثم لم تذكر كتب التاريخ مدة إقامتهم في مكة أو في المدينة قبل استقرارهم في مدينة "جدة".
حيث ذكر أن جده الشيخ محمد مراد كان قد استقر في مدينة جدة وكان أسس ريحان الوزير رباطا له ومسجدا ومسكنا في "جدة"، وكانت له مكتبة علمية عظيمة عامرة بالكتب النفيسة ( ).
كما ذكر أن والد الشيخ محمد عابد توفي بمدينة جدة، وتوفي جده كذلك بجدة أو بمكان ليس ببعيد عنها ( ).
وهنا أرى أن تعبير العلامة الشوكاني في كتابه "البدر الطالع"بقوله :
"وكان مستقر جده السند ثم حج وجاور حتى مات ثم مات ابنه" ( )، تعبير غير دقيق؛ حيث إن قوله : (ثم حج وجاور حتى مات) تفيد أن جده توفي بجوار أحد الحرمين، وليس الأمر كذلك، بل الشيخ محمد مراد كان قد استقر في مدينة جدة، ثم توفي هناك أو في مكان غير بعيد من مدينة "جدة" – كما مر سابقاً-.
2- إلى بلاد اليمن :
دخل الشيخ محمد عابد بلاد اليمن مع عمه الشيخ محمد حسين، ولم تذكر المراجع عام دخولهما في تلك البلاد، ولا أدري ما الذي حل بهذه الأسرة بمدينة جدة ؟، وما الذي حملهم على تركهم لبلاد الحجاز؟.
ويبدو لي – والله أعلم - أن هجرتهم إلى بلاد اليمن لم تكن إلا بعد وفاة والد الشيخ محمد عابد، وجده شيخ الإسلام.
كما يبدو لي أن هذه الرحلة كانت رحلة علمية، حيث كان أكثر مقامهما في المدن اليمنية المعروفة بالعلم وكثرة العلماء، كمدينة (الحديدة)، ومدينة زَبِيد، وقد استفادا من علمائها حتى توفي عمه الشيخ محمد حسين بالحديدة في حدود سنة : 1203هـ( ).
الشيخ محمد عابد وتوليه القضاء :
مكث الشيخ محمد عابد في بلاد اليمن – بعد وفاة عمه الشيخ محمد حسين- يتردد بين التهائم والجبال، وكان أكثر مقامه بمدينة "زبيد" وبها تولى القضاء مدة مديدة، حتى جعله الساباطي من أهلها، واستفاد هو من علمائها وأهلها منه( ).
** ثم دخل الشيخ –رحمه الله- مدينة"صنعاء" وكان وصوله إليها سنة : 1213هـ.
وذلك برغبة من خليفة العصر الإمام المنصور بالله علي بن المهدي العباس وبطلب منه لاشتهار الشيخ بعلم الطب.
وبمدينة صنعاء :
1- التقى الشيخ بالخليفة الإمام المنصور بالله ، ولبث برهة يتطببه.
2- والتقى بعلامة وقته المحدث المجتهد الإمام محمد بن على الشوكاني، وقرأ عليه.
3- وهناك تزوج ابنة وزير الإمام في ذلك الوقت ( ).
4- طبب أهالي صنعاء ، وانتفع جماعة من الناس بأدويته ( ).
*** ثم عاد إلى الحديدة في شهر شوال من تلك السنة، ثم تكرر وفوده إلى صنعاء في وقت ذلك الإمام ، ثم في أيام الإمام المتوكل (ت:1231هـ)، وبعده في أيام الإمام المهدي كذلك.
واحتك بعلمائها واستفاد منهم ، وكان يثنى عليهم ثناء جميلا ( ).
وفي تلك الأيام نراه متردداً بين المدن والقرى اليمنية وبين الحرمين الشريفين، حتى ذكر أنه أيام إقامته بصنعاء حج ست مرات( ).
وقد حج مرة مع زميله في الدراسة تلميذ الإمام الشوكاني الشيخ جحاف، وذلك في عام 1216هـ( ) وقال الشيخ جحاف المذكور:
"ورغب فيه الإمام المنصور، وجمل به موقفه، وهو مع هذا إن وردت عليه أيام الحج لم يصبر عن السفر إلى بيت الله الحرام"( ).
ومن تلك الأسفار إلى الحرمين الشريفين ما ذكره تلميذه عاكش الضمدي بقوله :
اتفقت به في بندر " جازان"، وترافقنا في سفر البحر إلى مكة، وأمليت عليه ونحن في البحر حصةً وافرةً من صحيح البخاري، واستفدت منه كثيراً، وذاكرته وانتفعت به ( ).
وقال : ومكثت بين يديه في الحرم المكي مدةً، ورافقته في السفر إلى الحرم المدني، ولم أزل أتردد إليه في منزله بالمدينة المنورة ( )، واستضأت بنور علومه، واستمددت من صائبات فهومه، وأمليت عليه شمائل الإمام الترمذي بين الروضة الشريفة وبين القبر المنور والمنبر …( ) .
ويصفه تلميذه الشيخ الترهتي في اليانع الجني بقوله:
"وكان الشيخ –رحمه الله- شديد التحنن إلى ربوع طابة، عظيم التشوق إلى شذاها كثير التساؤل من ربه لمحياه فيها…" ( ) .
وقد دعا الله عز وجل لذلك في آخر ثبته"حصر الشارد"بدعاء طويل( ).
3 – الشيخ وسفارته لليمن في مصر :
مكث الشيخ محمد عابد في اليمن وقويت صلته بحكامها وأئمتها حتى وثقوا فيه، وكانت نتيجة ذلك أن الإمام المهدي عبد الله بن أحمد (1108-1251هـ) أرسله سفيرا إلى والي مصر الباشا محمد على الخديوي (1184-1265)هـ وكان ذلك في عام 1232هـ، وأرسل الإمام معه هدية ثمينة – بما فيها فيل - إلى والي مصر، وفي ذلك يقول الشيخ الترهتي :
"وكان هذا سبب المعرفة بينه وبين والي مصر ووقوفه على بعض فضله وإشرافه على شيء من عظم شأنه …( ).
وفي مصر لقي العلماء والمشايخ وأهل العلم والفضل، ولكن يقول الإمام الشوكاني :
" …ورجع وأخبرنا باندراس العلم في الديار المصرية، وأنه لم يبق إلا التقليد والتصوف" ( ).
وكانت عودة الشيخ محمد عابد من مصر في شهر ربيع الآخر سنة 1233هـ ( ).
4- عودته إلى بلاد السند :
رجع الشيخ محمد عابد من الديار المصرية إلى البلاد اليمنية وراح يتجول بين تهائم اليمن وجبالها ، ويتنقل بين المدن والقرى إلى أن أَلِفَها وتَأَقْلَمَ بأهلها ، يُدرِّس ويُؤلِّف ويعالج، إلى أن لقي أذى من قبل قاضي الحديدة ( ) فخرج من البلاد اليمنية مودِّعاً لها ومهاجراً إلى مهاجر الرسول - وقد كان شديد التحنن إلى ربوعها ، عظيم التشوق إلى شذاها – كما وصفه الترهتي بذلك – إلا أن البيئة المدنية لم تتناسبه ولم تألف هو بأهاليها، حيث لقي أذى من بعض سكانها، فولَّى عنان السفر إلى بلاه، ورجع إلى مولده ومنشئه، ودخل مدينة شيخه الشيخ محمد زمان السندي مدينة "لواري"، فزاره والتقى به، وأقام بها ليالي معدودات ( ).
5- عودته إلى المدينة المنورة وتوليه رياسة علمائها:
لم يتمكن الشيخ محمد عابد من إقامته بأرض السند أكثر من ليالي معدودات - كما عبر بها الشيخ الترهتي - وذلك لشدة حبه بمدينة الرسول فرجع سريعا إليها، وفي هذه المرة رجع إلى المدينة المنورة في غاية من العز والوقار حيث وُلِّيَ رياسة علمائها من قبل والي مصر الباشا محمد علي الخديوي الذي تعارف عليه في مصر سابقا، فقضى بقية حياته بطابة طيبا كريما عزيزا، يؤلِّف ويهمِّش، ويدرِّس ويسند الحديث … ( ).
أفكاره وآراؤه :
الشيخ حنفي محقِّق :
ولد الشيخ محمد عابد بأرض السند وبها نشأ في حجر والده وعمه وجده ، في بيت علم وفضل وسيادة وكرامة، وغالبية أهل السند – من أهل السنة والجماعة - ينتمون إلى المذهب الحنفي، ويقلد عامتهم الإمام الأعظم أبا حنيفة رحمه الله في الفروع الفقهية، فإن مذهبه هو السائد في بلاد السند والهند، وآثار ذلك واضحة جلية على عائلة الشيخ وعلماء بيته، بل على الشيخ نفسه أيضا، ولسنا في حاجة إلى إقامة حجة على ذلك أكثر من تقديم بعض مؤلفاته كالمواهب اللطيفة في الحرم المكي شرح مسند الإمام أبي حنيفة برواية الحصكفي، وكتابه طوالع الأنوار شرح الدر المختار- كلاهما في الفقه الحنفي- إلى من يهمه الأمر .
عوامل أثرت في شخصيته :
إلا أن هناك عوامل أخرى أثرت في شخصية الشيخ، حيث إنه احتك بعلماء المذاهب المختلفة من الشافعية والمالكية والحنابلة...حتى الزيدية … ، فقد استفاد منهم علميا وتتلمذ لهم، وتفتحت عليه الآفاق العلمية الواسعة فأصبح يلمس الحرية في الرأي، وذلك شأن كل من بلغ القمة في العلم ووصل الذروة في الفهم كالإمام أبي الحسن السندي الكبير، والإمام الشاه ولي الله الدهلوي، والعلامة أبي الحسنات عبد الحي اللكنوي وأمثالهم …(رحمهم الله) .
كما تتلمذ على الإمام الشوكاني في الأيام التي تراجع هو فيها عن مذهبه الزيدية، وخلع ربقة التقليد من عنقه، بل حمل لواء المحاربة للتقليد والجمود على المذاهب الفقهية المعينة.
ودخل الشيخ محمد عابد في صنعاء واستفاد من علمائها، وكان يكثر الثناء عليهم وكان يقول فيهم : "طفت البلاد وأكثر الآفاق فلم أر مثل علماء صنعاء في التحقيق للعلوم والأحاديث والتحري للعمل بما صح به النص( ).
كما لقي الشيخ بإمام الحرمين الشيخ صالح بن محمد الفلاني المغربي، وهو الآخر الذي كان يحارب التقليد ويحث على الاجتهاد، واتباع الدليل …
فنرى لمثل هذه العوامل وغيرها أثراً كبيراً على شخصية الشيخ محمد عابد، فقد خرج عن الجمود المذهبي إلى اتباع الدليل، ولعل هذا الذي لاحظ عليه الإمام الشوكاني حيث يقول في ترجمته :
"ورجع - أي من مصر- وأخبرنا باندراس العلم في الديار المصرية، وأنه لم يبق إلا التقليد والتصوف"( ).
ولعل ذلك الذي تفرس فيه إمام الحرمين الفلاني، ومن ثم كان يجلُّه ويدنيه من محله ( ).
وهناك عامل آخر أقوى من تلك العوامل المتقدمة، وهو اشتغاله بالحديث درساً، وتدريساً، ونقلا، وجمعاً، وتأليفا وتشريحاً ( ).
ولا شك أن كل من اشتغل بذلك خرج من العصبية المذهبية والجمود الفكري والعملي .
الشيخ محمد عابد وتحقيقه في مسألة رفع اليدين :
نضرب مثالا واحداً فقط لحرية الرأي والترفع عن الجمود الفكري والمذهبي في منهج الشيخ محمد عابد من مسألة رفع اليدين في الصلاة :
يقول الشيخ -رحمه الله- في "المواهب اللطيفة" :
"ولما كانت هذه المسألة – أي مسألة رفع اليدين في الصلاة - كثيراً ما يقع في الخاطر من أجلها أحببت أن أذكر أولا أدلة من نفى الرفع في غير تكبيرة الافتتاح، ثم أذكر ( ) ما بلغني في ردها مِن كلام مَن يثبتها وأدلتهم في إثبات ذلك في المواضع المعروفة، ثم ما ظهر لي في بادئ رأيي :
جواز الرفع في كل رفع وخفض وعدم اختصاصه بموضع من المواضع، ولم أذكر هذا إلا لأني كلما صرفت عنان فكري عن ترجيح أدلة الإثبات رأيته جموداً في ذلك، فيأبى [العقل]( ) إلا أن يُرجَّح الإثبات على النفي، فلعل من يطلع على أحرفي هذه يتبين له خلاف ما ترجح لي على وجه يقتضي رفع هذه الأدلة بنوع إنصاف يحرر مقتضى ذلك فأستفيد، فإن الحكمة ضالة المؤمن…( ).
تصحيحه وتأييده لحديث ابن مسعود في عدم الرفع :
ومع ذلك فإنه لما أورد الأدلة لمن نفى الرفع في غير تكبيرة الافتتاح، ثم أورد الردود على تلك الروايات ونقل تضعيف بعض الأئمة لها قال :
"قلت : ما أدري بأي وجه ضعفوا حديث ابن مسعود بعد الإسناد الذي قرره الإمام (أي أبو حنيفة) ورواه من طريقه، فإنه لو جاءنا حديث آخر من طريق : حماد عن إبراهيم عن علقمة والأسود أو أحدهما عن ابن مسعود لجعلوا ذلك حجة على أبي حنيفة حيث لم يتمسك بهذا الحديث، مع أن السند سالم من الانقطاع، ورجاله رجال الصحيح، ولا يضرنا ما وقع في بعض طرقه الأخر التي لم يلتفت إليها أبو حنيفة من الانقطاع - على ما زعموا - أو من ضعف بعض الرواة وغير ذلك من وجوه القدح، فإن الحديث إذا صح له طريق من الطرق بإسناد يعتمد عليه أهل الحديث لم يسغ بعد ذلك الحكم عليه بالضعف على جهة الإطلاق، نعم إذا ضعف ذلك الحديث بالنسبة إلى طريق من طرقه فلا بأس، وذلك لا يفضي إلى تضعيف الحديث، وهذا ظاهر لا يكاد يخفى على من له أدنى ممارسة بعلم الحديث ومصطلحه .
وأما تضعيف أحمد ويحيى بن معين ومن كان يساويهم لهذا الحديث فذلك - والله أعلم - محمول على أنهم لم يطلعوا على هذا الإسناد، فلو اطلعوا ما ساغ لهم تضعيفه أبدا .
وعندي أن تصحيح ابن حزم وتحسين الترمذي على الصواب، فبالنظر إلى الإسناد الذي ساقه الإمام صحيح، وبالنظر إلى الإسناد الذي ساقه الترمذي حسن، فلا ينبغي أن يقال في حديث ابن مسعود - بعد ما ثبت إسناده الذي ساقه الإمام – بالتضعيف.
وغاية ما يقال فيه :
إن ابن مسعود أخبر بما شهده من الرسول ، وغيره أخبر بما شهد ذلك، وكلا الحديثين صحيح، وليرجح المجتهد ما رجح - والله أعلم - ( ).
وذكر بعد ذلك كلام ابن الملقن في جواب حديث ابن عمر الذي أخرجه البيهقي في خلافياته، وهو دليل نفي الرفع في غير تكبيرة الإحرام فقال :
" قلت تضعيف الحديث لا يثبت بمجرد الحكم بالضعف، وإنما يثبت ببيان وجوه الطعن، وحديث ابن عمر الذي رواه البيهقي في خلافياته رجاله رجال الصحيح، فما أرى له ضعفا بعد ذلك، اللهم إلا أن يكون الراوي عن مالك مطعوناً، لكن الأصل العدم، فهذا عندي صحيح لا محالة، وغاية ما يقال فيه : إن ابن عمر رأي النبي حيناً يرفع فأخبر عن تلك الحالة، وليس في كل منهما ما يفيد الدوام والاستمرار على شئ معين منهما، ولفظة : " كان " لا يفيد الدوام إلا على سبيل الغالب، فقد ورد أنه كان يقف عند الصخرات السود بعرفة، ولم يحج بعد الهجرة إلا حجة الوداع، فلا سبيل إلى تضعيفه، فضلا عن وضعه - والله أعلم - ( ).
وهكذا نراه يصحح الرواية التي استدل بها نفاة الرفع، وهي من حيث الإسناد صحيحة .
وأخيراً قال :
فالحاصل : أن عدم الرفع قد ثبت من حديث ابن مسعود وحديث ابن عمر فيما رواه البيهقي في خلافياته، ومن أثر عمر فيما رواه الطحاوي والبيهقي ورجحه الإمام على حديث الرفع( ).
وهكذا نرى الإمام محمد عابد رحمه الله يتبع الدليل ويعترف بالحق في غير ما موضع( ).
الشيخ وأدبه الرفيع مع الأئمة :
ورغم أن الشيخ خرج من الجمود المذهبي، وبدأ يتبع الدليل إلا أنه يتسم بالأخلاق الإسلامية الفاضلة وبالأدب الإسلامي الرفيع، فالاختلاف في المسائل الفقهية الاجتهادية لا يوصله إلى نبذ المذاهب، فهو متأدب مع جميع أئمة المذاهب، ويرى الحنفية مذهبه ومسلكه في غاية الحب والاحترام للأئمة والثقة التامة بهم، يعترف بالحق وإن خالف مذهبه، فمجال الاجتهاد واسع لديه، ولذلك نرى من ترجم له عدَّه من الحنفية، يقول العلامة الكتاني في ترجمته :
"…السندي مولدا، الحنفي مذهبا…" ( ).
ويقول العلامة الترهتي في"اليانع الجني" حول كلامه على كتاب "طوالع الأنوار" :
"…وهو في بيان غالبها مسائر أصحابه –يقصد الأحناف-إلا قليلا…"( ).
والشيخ الترهتي بقوله : "إلا قليلا" ، يشير إلى المسائل التي خالف الشيخ محمد عابد فيها الحنفية واعترف بالحق واتبع الدليل، وهو مع ذلك يعد من الحنفية ولا يخرجه ذلك من مذهبه الحنفي.
الشيخ وحبه للإمام أبي حنيفة ودفاعه عنه :
وانظر إلى حبه للإمام أبي حنيفة –رحمه الله- وثقته به، يقول في شرح حديث "الخامس والعشرين " في المواهب اللطيفة بعد ما ذكر الحديث عن جابر بن عبد الله أن رسول الله قال:
"من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة".
ثم ذكر أقوال علماء الحديث في تصحيحهم للحديث أو تضعيفهم له، ثم قال :
"وبطل قول الدار قطني أيضا : بأنه لم يسنده إلا الحسن بن عمارة وأبو حنيفة، وهما ضعيفان. فقال ردا على الدار قطني :
"وهذا القول منه ضعيف جداً بل مكروه وأيّ كراهة، وقبيح منه، فإنه لو عرف قدر الإمام وما كان عليه من الورع والزهد والتقوى لما كان له أن يتكلم بهذه الكلمة المكروهة، ولكن لما كان أنه لا يعرف أهلَ الفضلِ إلا أهلُ الفضلِ، وسعَه أن يتكلم بهذا، ولقد أحسن من قال:
حسدوا الفتى إذ لم ينالوا فضله فالكل أعداء له وخصوم ( ).
وذكر بعد ذلك كلاما جميلا في الثناء على الإمام أبي حنيفة وتوثيق أهل الحديث له.
موقف الشيخ محمد عابد من التقليد :
ذكر الإمام الشوكاني قوله في ترجمته للشيخ محمد عابد بأنه عند عودته من مصر أخبرهم باندراس العلم في الديار المصرية وأنه لم يبق فيها إلا التقليد والتصوف( ).
ويتبادر إلى الذهن من ذلك أن الشيخ محمد عابد يخالف التقليد أو يرى عدم جوازه .
ولكني أرى – والله أعلم - أن الشيخ لم يقصد من إخباره بذلك إلا جمود أهل تلك الديار على ذلك إلى حد التطرف، وعدم عنايتهم بالحديث وعلومه كما ينبغي، فليس التقليد من حيث العموم مذموماً أو معيباً، وإنما المذموم – للعلماء - هو الجمود على المذهب دون معرفة دليل، أو ترجيح المذهب مع وجود نص صريح يخالفه.
وإلا فالشيخ نفسه حنفي محقق – كما أسلفنا-، غير أنه لم يصرح في موضع ما -حسب اطلاعنا - بحرمة التقليد أو عدم جوازه .
ولعل هذا الذي دعا الشيخ صديق حسن خان القنوجي( ) أن يقول فيه :
"وكان ذا عصبية للمذهب الحنفي، ولذلك تعقبه في بعض الرسائل له السيد العلامة أخونا أحمد بن حسن الحسيني القنوجي البخاري العرشي رحمه الله " ( ).
وقال القنوجي في ترجمة الشيخ الفلاني (شيخ الشيخ محمد عابد) :
ومن الاتفاقات أن الفلاني له شدة في فتّ عضد التقليد، وهمة كبيرة في اتباع السنة لا يتصور عليها مزيد، وتلميذه الشيخ محمد عابد السندي له عصبية في الجمود على المذهب الحنفي مع كونه معروفاً بدرس الحديث… ( ).
ويكفي للرد على هذه المقولة ما ذكرناه سابقاً في اتباع الشيخ للدليل.
أما قول تلميذه ( عاكش الضمدي) فيه بأنه :
كان متحرياً لاتباع الدليل، مع تظاهره بتقليد الإمام أبي حنيفة، ولهذا الرأي سيادة في الناس ووجاهة…( ).
فنرى الشطر الثاني من قوله مجانباً للحق والصواب، وحاشا أن يكون أمثال الإمام محمد عابد يتظاهرون بشيء من الدين ويخبئون بالحقيقة، وفي مثل هذا رمي لمحدث بالنفاق – والعياذ بالله- ! .
كما أرى أن الشيخ عاكش تصرف في قول الشيخ جحاف وحرفه، حيث نقل الشيخ ابن زبارة قوله في ترجمة الشيخ محمد عابد، وفيه :
" صحبنا دهراً طويلاً، ورافقنا في القراءة على شيخنا البدر الشوكاني … ورأيت إمام الحرمين يجله ويدنيه من محله لشغفه بالكتب الحديثية واشتغال رفيقنا هذا بصحيح البخاري وتحريه لاتباع الدليل، وله سيادة في الناس ووجاهة، وله معرفة كاملة بصحيح البخاري( ).
فأرى أن جملة : " مع تظاهره … ولهذا الرأي " مقحمة من الضمدي، ومدرجة منه .
الشيخ وصلته بالتصوف والسلوك :
مما لاشك فيه أن الدين الإسلامي ليس هو مجموعة عقائد وعبادات فحسب، بل الدين الإسلامي لما أنه آخر الأديان السماوية، وخاتمتها، فهو دين شامل..، ومنهج متكامل..، عقيدة وعبادة..، أخلاق ومعاملة …، وتربية الأخلاق وتهذيب السلوك هما نتيجة هذا الدين وثمرته .
كما أن باب الزهد جدّ واسع، وللعلماء في ذلك مؤلفات لا تأتي في الحصر، ومن ثم نرى أعلام الدين يُعنون بهذا الباب أشد عناية، فعقيدة التوحيد هي الأساس، وهي مبنية على الكتاب والسنة، وقبول العبادات متوقف عليهما، ونتيجة ممارسة العبادات والمعاملات هي الأخلاق والسلوك.
وعلى هذا الأساس نرى كثيراً من العلماء ينتمون إلى المربين على الأخلاق الفاضلة من الصالحين من أهل الحق، ويتتلمذون عليهم في هذا الباب، كما يتتلمذون على أساتذتهم في باب العلم في جميع الفنون .
غير أن تسمية هذه المدرسة بمدرسة التصوف دخيلة ومستوردة، لا أساس لها في الإسلام، بل في الإسلام ما يغني عنها من مدارس تهذيب الأخلاق وتربية السلوك، وهو باب واسع لا مثيل له في أي دين أو ملة.
كما أن وجود فئة غالية ومنحرفة وضالة في الصوفية، ووجود أفكار مستوردة وأوراد غير مأثورة، فحدث عن ذلك كله… ولا حرج.
ومع ذلك فهناك جماعات من المحدثين والفقهاء ومن علماء الأمة تنتسب إلى التصوف المصطلح، وهم بعيدون كل البعد عن البدع والخرافات والأمور الشركية التي هي غالباً من سمات المتصوفة المبتدعة، وما أكثرهم – لا كثرهم الله – في بلاد السند والهند ! .
ولذلك نرى شيخ الإسلام ابن تيمية (رحمه الله) يقسم الصوفية إلى ثلاثة أصناف :
صوفية الحقائق، وصوفية الأرزاق، وصوفية الرسم .
ثم صوَّب الصنف الأول، وذكر أنه قد انتسب إليهم طوائف من أهل البدع والزندقة، ولكن عند المحققين من أهل التصوف ليسوا منهم، كما ذكر تنازع الناس فيهم، فمنهم طائفة ذمتهم، وطائفة غلت فيهم، والصواب أنهم مجتهدون في طاعة الله، فمنهم السابق المقرب، ومنهم المقتصد، ومنهم ظالم لنفسه عاص لربه( ).
وأعتقد أن في تلك الحقبة من الزمن التي عاش فيها الإمام محمد عابد كان الانتماء إلى مشايخ الصوفية أمراً معتاداً ومروَّجاً لتربية الأخلاق والسلوك، فلعلهم مارسوا التصوف من هذا الباب – على علاته -، لأن التصوف ليس هو المقصود الأساسي لدى أولئك المحققين، بل المقصود لديهم هو تربية الأخلاق، وتقوية صلة العبد بربه، من باب الإحسان، كما فصل ذلك الإمام ابن القيم (رحمه الله) في مدارج السالكين وغيره من مؤلفاته .
ونرى الشيخ محمد عابد كذلك يمارس التصوف وطرقه، بل لبس الخرقة الصوفية من غير واحد من شيوخ التصوف، ومرات عديدة …( ).
فحينما التقى بالشيخ محمد زمان الثاني صاحب اللواري( ) في بندر مخا باليمن سنة : 1228هـ = 1812م بايعه، ودخل في الطريقة النقشبندية، وكان يراه مرشداً له – على طريقة الصوفية-، ويلقب نفسه بالنقشبندية، ويمدح شيخه بقوله : "لم تر عيني مثله قط" ( ).
قال الكتاني : أجاز له (أي الشيخ محمد زمان) الشيخ عابد عامة كما أخذ عنه الشيخ عابد الطريقة النقشبندية ( ).
كما نرى الشيخ محمد عابد يؤلف في مسائل تتعلق بالتصوف والتربية والسلوك، منها : الكرامة والتقبيل، ورسالة في جواز الاستغاثة والتوسل وصدور الخوارق من الأولياء المقبورين، ونفحات النسيم الهندي على أغصان ريحان جدي .
وفي مثل هذه الرسائل نلاحظ شيئاً من تطرف الصوفية على شخصية الشيخ محمد عابد رغم كونه من كبار المحدثين ! .
أخلاقه ومناقبه وثناء العلماء عليه :
كان الإمام محمد عابد كنزا للعلم والحلم والأدب والحياء، والفكر والفهم، يحب القريب، ويقرب البعيد، ويصبر على الكيد والأذى والمكر والدهاء، وكان مرجعا للخلائق، أثنى عليه مشايخه ومعاصروه، ومن قرأ له ومتأخروه.
قال الإمام الشوكاني :
"صاحب الترجمة – وهو الشيخ محمد عابد- له يد طولى في علم الطب ومعرفة متقنة بالنحو والصرف وفقه الحنفية وأصوله، ومشاركة في سائر العلوم، وفهم سريع ... وتردد إلي وقرأ علي في هداية الأبهري وشرحها الميبذي في علم الحكمة الإلهية، وكان يفهم ذلك فهما، مع كون الكتاب وشرحه في غاية الدقة والخفاء بحيث كان يحضر جماعة من أعيان العلماء العارفين بعدة فنون فلا يفهمون غالب ذلك.." ( ).
وقد افتتح مؤلف نيل الوطر ترجمته بقوله : " الشيخ العلامة الحافظ الرحالة.." ( ).
وترجم له تلميذه الشيخ الحسن بن أحمد عاكش الضمدي اليماني، فقال :
" وهو إمام نظار، وسابق لا يشق له غبار، يستحضر متون الأحاديث، ويعرف عللها، وله في نقد الرجال يد طولى، وإذا تكلم لسعة حفظه فكأنما يملي من صحيفة إملاء… ( ).
وترجم له زميله في الدراسة الشيخ جحاف اليماني بترجمة وافية وفيها :
"وحججت معه سنة 1216هـ فلاقينا الشيوخ واستجزنا إمام الحرمين الصالح محمد بن الفلاني ( ) المغربي وأجازني وإياه إجازة عامة ورأيت إمام الحرمين – المذكور- يجله ويدنيه من محله لشغفه بالكتب الحديثية واشتغال رفيقنا هذا بصحيح البخاري وتحريه لاتباع الدليل، وله سيادة في الناس ووجاهة، وله معرفة كاملة بصحيح البخاري ، فإنه ألف في مكرراته مؤلفا بديعا حسنا تلقاه الناس بالقبول .. وتناقله الناس في حياته" ( ).
وقال فيه :
"وهو شديد الأنفة قريب النضرة مما يسوء ، موفقة محط رجال الأعلام ، كثير الفوائد ، مقصود لأهل العلل ( ).
وقد ذكره الإمام العلامة شهاب الدين الألوسي (ت:1270هـ) – مؤلف التفسير الشهير روح المعاني- في كتابه (شهى النغم) ضمن من أجاز الشيخ العلامة عارف حكمة فوصفه بقوله :
" البحر الرائق وكنز الدقائق، ومن كلامه تنوير الأبصار والدر المختار، ذو التأليفات الشريفة، وقرة عين الإمام الأعظم أبي حنيفة، العالم الزاهد …" ( ).
وقد ترجم له العلامة محمد بن يحي الترهتي في كتابه"اليانع الجني في أسانيد الشيخ عبد الغني " وذكره ضمن شيوخ الإمام عبد الغني المحدث الدهلوي - الذي عليه مدار أسانيد أهل الهند وباكستان اليوم - فافتتح ترجمته بقوله :
"هو العالم الجامع، والفاضل البارع، المحدث الحافظ المتقن، والفقيه المتبحر الفطن، والزاهد المتجافي عن الدنيا وزخارفها، المعرض عن براقها ومعاطفها، محي السنن حين تعفى رسومها وهجر علومها …" ( ).
وقال في آخر ترجمته :
"ولم يزل مجتهدا في العبادة وإقامة السنن، والصبر على جفاء أبناء الزمن، ونصح الأمة وخفض جناحه عليهم ونشر علومه حتى لقي الله تعالى، وكان من أحسن الناس هديا وسمتا في زمانه، كثر ثناء الناس عليه في حياته، وسمرهم بمفاخره بعد وفاته :
كفل الثناء له برد حياته *** لما انطوى فكأنه منثور ( ).
أما محدث المغرب ومسنده العالم الفاضل العلامة عبد الحي الكتاني مؤلف كتاب "فهرس الفهارس والأثبات ومعجم المعاجم والمشيخات"فنراه مفتونا بالشيخ محمد عابد، يحبه ويكثر الثناء عليه، وعليه مدار أكثر أسانيده، وقد عدَّه من حفاظ الحديث في القرن الثالث العشر الهجري( ) وقال فيه:
"كان مدة إقامته بالمدينة المنورة مثابرا على إقراء كتب السنة حتى إنه كان يختم الكتب الستة في ستة أشهر، بل حدثني المسند الخطيب السيد أبو جيدة بن عبد الكبير الفاسي أنه حدثه شيخه المعمر العلامة الشيخ حسن الحلواني المدني أنه سمع على الشيخ عابد الكتب الستة في شهر، وأخذها عنه دراية في ستة أشهر، وهذا الصبر عجيب عن المتأخرين ، وحدثني أيضا عن الحلواني المذكور أن الشيخ عابد كان يقول : لمثلى فليسع، لأن بيني وبين البخاري تسعة ( ).
وقال الكتاني حول كلامه على مرتبة الرواية منه ومنزلتها من حيث العلو والنزول :
"وعلى كل حال فعليه –يقصد الشيخ محمد عابد – المدار اليوم في هذه الصناعة، وهو إمام أهلها .." ( ).
الشيخ وممارسته لعلم الطب :
يتعلق الشيخ محمد عابد بأسرة شهيرة بعلم الطب في بلاد السند قبل هجرتها إلى بلاد العرب، ثم استمرت هذه الشهرة في تلك الأسرة إلى أيامه (رحمه الله) في البلاد العربية، خصوصاً في بلاد اليمن .
يصف الشيخ محمد عابد عمه الشيخ محمد حسين بن محمد مراد بقوله :
"... من حاز علم الأديان والأبدان ..."( ).
كما وصفه بقوله : "العلامة الفهامة زينة دهره وقدوة عصره الحاوي لعلم الأديان والأبدان، الجامع للفنون العقلية والنقلية، الموضح لها بأحسن بيان ...."( ).
وقد اشتهر الشيخ محمد عابد نفسه بعلم الطب في اليمن ، بل هو أول من أخرج إلى أهل اليمن كتاب الطب المسمى بـ"تحفة المؤمنين" باللغة العربية( ).
ولقد كان علمه بالطب واشتهاره بالتطبيب في اليمن سبباً لتعارفه على إمام صنعاء في وقته وتقربه لديه ، يقول زميله في الدراسة هناك الشيخ لطف الله جحاف الصنعاني (ت:1243هـ) ( ) في ترجمته في كتابه " درر نحور الحور العين" :
"... موقفه محط رحال الأعلام ، كثير الفوائد ، مقصود لأهل العلل - أي المرضى -، متطبب حاذق ، يباشر الدواء في أول الأمر فيرى النفعَ العليلُ ظاهراً ثم يقهقر عنه آخراً :
لو كان فيه سلامة من حدة عين الكمال رمته من إشراكها ( ).
ويقول الإمام الشوكاني :
" ... وصاحب الترجمة له يد طولى في علم الطب ... طلبه خليفة العصر مولانا الإمام المنصور بالله إلى حضرته العلية من الحديدة لاشتهاره بعلم الطب ، فوصل إلى الحضرة وانتفع جماعة من الناس بأدويته .." ( ).
وقال الضمدي :
وكان الإمام المنصور يدنيه منه، ويقر له بالمعرفة الخارقة بالطب ...مقصوداً لأهل العلل، متطبباً حاذقاً يباشر الأمر بنفسه، وهو أول من أخرج إلى اليمن كتاب (تحفة المؤمنين) في الطب...( ) .
وعلى كلٍ فقد كان الشيخ محمد عابد معروفا بالعلم والورع، والصلاح والتقى، واشتهر صيته في الآفاق والأطراف، كثرت تصانيفه، وكثر تلاميذه من أهل الحجاز واليمن ومصر والمغرب ومن بلاد الأتراك والهند والسند وغيرها من البلاد الإسلامية، وكان معروفا لدى العوام والحكام، حتى أنه لما رجع إلى الحجاز مرة ثانية ولاه حاكم مصر محمد علي باشا رئاسة العلماء بالحجاز، واستمر على هذا المنصب العالي إلى أن لقي الله ( ).
•مؤلفاته وآثاره العلمية :
لقد كان الشيخ محمد عابد رحمه الله شغوفا بالعلم منكبا عليه، قضى حياته كلها في الدرس والتدريس، والتحصيل والتأليف، وكانت حياته حافلة بالجهود العلمية تعلما وتعليما وتدريسا وتأليفا، وأغلب تصانيفه في الحديث والفقه والأسانيد بين مختصر ومتوسط ومطول، تتجلى في ثناياها شخصيته العلمية البارزة ومواهبه اللطيفة الفذة، يحصر الشارد ويجمع الفوائد ويرتب المسانيد ويترجم للعلماء والمشايخ، وحقا لا يصنف الرجل إلا بعد أن يستوي تماما من حيث الفكر والنضج.
ونحن نرى أن الشيخ محمد عابد بدأ بالتأليف والتصنيف منذ صغر سنه، وهذا إن دل على شيءٍ فإنما يدل على أن الشيخ قد تمكن علميا منذ نعومة أظفاره، أما في شبابه وشيخوخته فقد طلعت أنواره العلمية ومنحه الباري ما يشاهد في تآليفه.
ولما أن مؤلفات الشيخ انتشرت في العالم الإسلامي، فتجد منها في خزانة الكتب بالرباط، ومنها في الخزانة التيمورية بمصر، ومنها في بلاد السند والهند، فمن ثم يصعب القول بعدد مؤلفاته، ومع ذلك فقد حاولنا الوصول إلى عدد كبير منها، وكنت قد ذكرت في الأصل (الإرشاد) 20 عنواناً من مؤلفاته، ولكن حين الرجوع إلى فهارس مكتبات الحرمين الشريفين لعمل فهرس مخطوطات علماء السند فيها اطلعت على عناوين أخرى للشيخ نفسه، فوصل عدد مؤلفاته إلى (34) كتاباً، وفيما يلي نذكرها مرتبة على الحروف الهجائية، مع وصف كل ما اطلعنا عليه وتصفحناه بالإيجاز :
1- الأبحاث في المسائل الثلاث.
رسالة ذكرها مؤلف هدية العارفين ( )، ولم أطلع على نسخة منها بعدُ .
2- ترتيب مسند الإمام أبي حنيفة براوية الحصكفي.
وهو الكتاب المطبوع والمتداول في شبه القارة الهندوباكستانية، وفي البلاد العربية كذلك، وقد رتبه الشيخ على الأبواب الفقهية، في مجلد واحد، ولا يحتاج إلى بيان وصف له، ومن نسخه الخطية بمكتبة مكة المكرمة (مكتبة المولد النبوي الشريف) بخط النسخ لناسخ غير معروف في 67/ق، 15/س، برقم : 37/حديث.
3- ترتيب مسند الإمام الشافعي.
طبع في مجلد واحد بدار الكتب العلمية بيروت، وصفه العلامة الكوثري بأنه :
" أنفع وأمتع تهذيب" ( ).
وقال المرتِّبُ فيه :
"التقطه بعض النيسابوريين"… ولم يرتب الذي جمع أحاديثه على المسانيد ولا على الأبواب بل اكتفى بالتقاطها كيف ما اتفق، فلذلك وقع فيها تكرار في كثير من المواضع، وقد وفقني الله فرتبته على الأبواب الفقهية، وحذفت منه ما كان مكررا لفظا ومعنى، ووقع إتمامه سنة:1230هـ ( ).
وتوجد من الكتاب نسخة خطية بمكتبة الحرم المكي الشريف برقم عام : 1019 المصورات، مصورة من أصل بدار الكتب المصرية، برقم : 1832/ حديث، نسخها : محمود بن داود طبيه سنة : 1289 هـ .
وقد بدأ المرتب في ترتيبه بعد فراغه من ترتيب مسند الإمام أبي حنيفة، وفرغ منه بعد عصر يوم الخميس لعله عشرين من ربيع الأول سنة :1230هـ في مسجد القنفذة عند رجوعه من سفر الحرمين الشريفين للحج، وكان شروعه فيه في شهر ذي القعدة سنة 1229هـ( ) .
4- تغيير الراغب في تجديد الوقف الخارب .
جواب استفاء، يقع في : 3 صفحات، من ق/97-98، منها نسخة بمكتبة الملك عبد العزيز بالمدينة المنورة، برقم : 7، ضمن (المكتبات الموقوفة/مجموعة الشيخ عبد القادر شلبي)، لناسخ غير معروف، نسخت في عام : 1237هـ، ولست متأكداً من صحة عنوان هذه الرسالة، حيث إن الكلمة الأولى من العنوان في المخطوط غير واضحة (تعيين أو تغيير) لم أفهمها جيداً، والله أعلم.
أوله :
الحمد لله تعالى حق حمده، والصلاة والسلام على سيد المرسلين وأشرف عبده وآله وصحبه أعز جنده، أما بعد : فقد ورد في آخر ذي القعدة سنة 1236هـ سؤال ما حاصله …
آخره :
… هذا ما ظهر لي، والعلم الحق عند علام الغيوب، قاله بفمه ورقمه بقلمه أفقر عباد الله تعالى إلى رحمته وأحوجهم إلى مغفرته محمد عابد بن أحمد علي تاب الله عليه وعلى والديه ومشايخه والمسلمين أجمعين، آمين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين .
5- جزء في تراجم مشايخه .
مجموعة جمعها المؤلف في تراجم مشايخه من علماء اليمن والحجاز وفي تراجم مشايخهم، يوجد منه جزء مخطوط بمكتبة الحرم المكي، برقم : 2782، تراجم/الدهلوي، يقع في 69 صفحة بخط فارسي، نسخ في سنة : 1314هـ من نسخة المؤلف.
بدايته : بسم الله الرحمن الرحيم رب يسر وتمم بالخير .
الفصل الثاني في ذكر مشايخهم وأحوالهم إجمالا…
وفي آخرها : إلى هنا وجد من خط المؤلف وحصل المقابلة – كذا -، والحمد لله على ذلك .
والنسخة ناقصة من بدايتها، وممن ترجم لهم فيها : الشيخ أبو الحسن السندي الكبير وتلميذه الشيخ محمد حياة السندي.
وله نسخة أخرى مصورة :
بمكتبة الحرم النبوي الشريف برقم : 34/920، بخط فارسي، كتبت في عام : 1314هـ، تبدأ من الفصل الثاني كالأولى، ولعلها مصورة من النسخة المكية، حيث إن نوع الخط وعام النسخ واحد –والله أعلم-.
6- حصر الشارد في أسانيد محمد عابد .
كتاب نفيس مخطوط في مجلدين، ونسخه الخطية متوافرة في معظم المكتبات المركزية العالمية، وفي مكتبات الحرمين الشريفين كذلك( ).
وصفه المؤلف - في إجازته لتلميذه الوجيه عبد الله البخاري المكي المعروف بكوجك- بقوله :
"جمعت في ثبتي أسانيد غالب الكتب التفسيرية والحديثية والفقهية والصرفية والنحوية والبيانية والمنطقية والطبية مجملا ومفصلا وسردت فيه المسلسلات، فذاك كتاب لا يستغني عنه كل مسترشد…" ( ).
وقال عنه عالم الجزائر ومسندها المعمر أبو الحسن علي بن أحمد بن موسى :
"وهو الثبت الحافل الذي لم يوجد له في الدنيا نظير ولا مماثل " ( ).
وقال عنه محدث الحجاز ومسنده أبو الحسن علي بن ظاهر الوتري المدني (ت:1322هـ):
" هذا الفهرس لا يوجد على ما نعلم أوسع منه وأصح" ( ).
وقال فيه محدث المغرب ومسنده العلامة الكتاني :
"وناهيك بحصر الشارد الذي لم يدون أحد في جيله ما يشبهه أو يقاربه في الجمع والتفنن والجرم، فجزاه الله عن السنة وأهلها خيراً، آمين" ( ).
توجد منه نسخة خطية بالمكتبة بالمحمودية برقم :365، في 308 صفحة، بخط النسخ، نسخت في سنة : 1230هـ، ولعلها أقدم نسخة توجد الآن، كتبت في حياة المؤلف .
ولكن عندي نسخة مصورة من الكتاب، أخذتها مما صور من أصل بمكتبة "بيرجندو" ببلاد السند، بخط المدعو : لَعْل محمد بن القاضي شير محمد القيصراني، كتبها في شعبان سنة : 1355هـ، من نسخة كتبها المدعو : محمد بن سالم بابقي الحضرمي المدني سنة : 1306هـ .
وفي الصفحة الأخيرة منها :
قال جامعه رحمه الله تعالى ورضي عنه ونفعنا ببركاته:
كمل هذا بخط جامعه محمد عابد بن أحمد علي الأنصاري السندي النقشبندي في رجب سنة : 1240هـ ببندر المخا، والحمد لله الذي بنعمته وجلاله تتم الصالحات …
وهذا يعني أن المؤلف انتهى من تأليفه في عام : 1240هـ، ويؤيد ذلك ما نقله العلامة عبد الحي الندوي اللكنوي في نزهة الخواطر من قول الشيخ الترهتي في اليانع الجني بأنه :
"أتَمَّه في بندر (مخا) في شهر رجب سنة 1240هـ" ( ).
هذا، وقد اطلعت على نسخة من الكتاب بخط المؤلف في صيف عام : 1421هـ بمكتبة الحرم النبوي الشريف برقم : 4/214،كتبها المؤلف في عام : 1240هـ، معه إجازات وأسانيد.
وقد ذكر المؤلف في آخرها أسماء شيوخه الذين روى عنهم في هذا الثبت .
7- الحظ الأوفر لمن أطاق الصوم في السفر .
رسالة فقهية بالمكتبة المحمودية بالمدينة المنورة، برقم :2640، ضمن مجموعة فيها 18 رسالة، تقع في :8 صفحات، (4 لوحات)، بخط المؤلف، وفي صفحة الغلاف بخطه :
هذه رسالة في تحقيق أبحاث حديث (ليس من البر الصيام في السفر) نسخت ليلة الأحد لعله غرة جماد الأول سنة 1223هـ ، وسميتها : الحظ الأوفر لمن أطاق الصوم في السفر لمحمد عابد غفر الله تعالى له ولوالديه ولمشايخه.
بدايتها بعد البسملة :
سبحانك اللهم وبحمدك يا من رفعت عنا الحرج في الدين ويسرت لنا فهم أحكام الكتاب المبين وأرسلت إلينا نبيك سيد المرسلين …، أما بعد : فقد خطرت في البال فوائد أصولية وحديثية ولطائف فقهية في حديث (ليس من البر الصيام في السفر) فأردت تحريرها ليدوم نفعها وتتوفر فائدتها، والعلم صيد والكتاب قيد، وها أنا أشرع في ذلك مستعيناً بالملك القدير فإنه الميسر لكل عسير …
وانتهت الرسالة بقوله :
وهذا آخر ما أردنا ذكره في هذا الحديث، والحمد لله الذي بنعمته وجلاله تتم الصالحات ، تمت الرسالة بخط من قاله بفمه ورقمه بقلمه محمد عابد بن أحمد علي السندي الأنصاري غفر الله تعالى عنهما آمين .
قلت : وقد انتهيت من تبييضها، وبدأت في تحقيقها، يسر الله ذلك وأتمه.
8- حواشي السندي على البيضاوي .
مؤلف ممتاز في علم التفسير، منه نسخة كاملة بالمكتبة المحمودية بالمدينة المنورة ، برقم : 164، تقع في : 886 صفحة، بخط المؤلف، بدأ في تحريره يوم الجمعة : 17/11/1252هـ، وانتهى منه في :1/12/1254هـ، وسجل تاريخ النسخ في الفهرس خطأً : 1244هـ .
بدايتها من قوله تعالى :{يايها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أوليآء بعضهم أوليآء بعض ....} الآية رقم :51 من سورة المائدة، إلى نهاية سورة الأعراف .
9- خلاصة الألفاظ في مسالك الحفاظ.
وتصحفت في (هدية العارفين)( ) إلى : سلافة، بدلاً من : (خلاصة)، ويبدو لي من عنوانها أنها في متشابهات القرآن، ولم أطلع عليها بعد، حيث لم أجد لها نسخة في مكتبات الحرمين الشريفين، ولا في بلاد السند .
10- الخير العام في آداب الحمام .
ذكرها المؤلف بنفسه في المواهب اللطيفة (1/180 مخطوط)، ولم أطلع لها على نسخة بعدُ .
11- ديوان عابد السندي (؟؟؟).
نسبه إليه العلامة خير الدين الزركلي في الأعلام، ووصفه بأنه : صغير، نظمه حسن، وأكثره في المناسبات، وقد رآه مؤلف الأعلام في خزانة الرباط برقم :1756/كتاني( ).
وقد نقل العلامة عبد الحي اللكنوي بعض الأبيات المخمسة وصفها بأنها أبيات رائقة رقيقة مخمسا أبيات بعض أئمة اليمن، وقد نقلها عن كتاب : بحر النفائس، ولعلها من ديوان الشيخ المذكور( ).
12- رسالة في البيع بالدرهم .
رسالة فقهية، تقع في : 12 صفحة، بمكتبة الملك عبد العزيز بالمدينة المنورة، برقم : 6، ضمن (المكتبات الموقوفة/مجموعة الشيخ عبد القادر شلبي)، لم أتمكن من تصفحها بعدُ لأصفها وصفاً دقيقاً.
13- رسالة في بيان ثقاة الرواة الذين تكلم فيهم .
رسالة في علوم الحديث بالمكتبة المحمودية بالمدينة المنورة، برقم : 2784، ضمن مجموعة فيها خمس رسائل، والرسالة مختصرة من كتاب مطول، لم يذكر الشيخ اسم مؤلفه، اختصرها منه في شهر ذي الحجة سنة : 1220هـ.
14- رسالة في جواز الاستغاثة والتوسل وصدور الخوارق من الأولياء المقبورين .
مخطوطة بخزانة الرباط برقم 1143/كتاني .
قال الكتاني فيها :
" عمد فيها إلى الاستشهاد بالآثار لا كما يفعله الغير في هذا الباب من الاقتصار على حطب أقوال المتأخرين الذين لا يقيم لهم الخصم وزنا، وهى في كراستين من أحسن ما كتب في هذا الباب وأفيد وأجمع" ( ).
15- روض الناظرين في أخبار الصالحين .
16- شرح ألفية السيوطي في المصطلح .
17- شرح بلوغ المرام .
الثلاثة ذكرها المؤلف بنفسه في إجازته لتلميذه العلامة الشيخ إبراهيم بن حسين المخلص ( )، ولم أطلع عليها بعد، والأخير شرح على بلوغ المرام لابن حجر العسقلاني.
قال الترهتى : " قال لي بعض من أثق به إنه رأى له شرحا لمختصر ابن حجر في الأحكام المسمى ببلوغ المرام غير أنه لم يكمله ( ).
وقال الزركلي : " قطعة منه في المدينة ولم يتمه" ( ).
18- شرح تيسير الوصول إلى جامع الأصول من حديث الرسول( ).
وهو شرح لكتاب تيسير الوصول للعلامة وجيه الدين عبد الرحمن بن على بن محمد المعروف بابن الديبع الشيباني الزبيدي الشافعي المتوفى سنة 944هـ( )، قال الشيخ محمد عابد :
"ولي عليه شرح مبسوط إلى كتاب الحدود من حرف الحاء علقته في صغري واستوهبه مني بعض سادات المنيرة بقرب الزيدية فوهبت له المسودة وإلى الآن لم يبيض منه شيء، أسأل الله تعالى التوفيق لإتمامه وتهذيبه إنه على ذلك قدير" ( ).
19- شرح مسند الإمام الشافعي .
ذكره المؤلف بنفسه في إجازته لتلميذه العلامة الشيخ إبراهيم بن حسين المخلص ( )، وهو شرح نفيس، يوجد منه جزء في المكتبة المحمودية بالمدينة المنورة بخط واضح برقم :545، يقع في : 282 صفحة، بخط المؤلف نفسه، كتبه في عام : 1255هـ، وعلى صفحة الغلاف بخط المؤلف :
" هذا من شرح مسند الإمام الشافعي شرعت في تسويده يوم الأربعاء 10 صفر سنة : 1255هـ وقد أصابني في ذلك اليوم إسهال وحمى، فأسأل الله تعالى العافية وتمام هذا على أحسن عبارة وأشرح إشارة آمين .
أوله :
كتاب النكاح، وفيه ستة أبواب، الباب الأول : في أحكام الصداق، وهو : ما وجب بعقد النكاح، أخبرنا عبد العزيز بن محمد وقد روى عنه إسحاق بن إبراهيم …
آخره :
…وفي كتاب الطب النبوي لجعفر المستغفري قال وحدث بخط نصوح بن واصل على ظهر جزء من تفسير قتيبة بن أحمد البخاري قال قتادة لسعيد بن المسيب (هنا تنتهي النسخة، وهي ناقصة من آخرها) .
وقال الشيخ محمد عابد في ثبته (حصر الشارد) حول كلامه على مسند الشافعي :
" وقد وفقني الله تعالى فرتبته على الأبواب الفقهية، وحذفت منه ما كان مكرراً لفظاً ومعنىً، ووقع تمامه في سنة 1230هـ، ثم شرحت نصفا منه وأسأل الله أن يكمله …" ( ) .
هذا، وقد ذكر الشيخ أبو الخير المرداد المكي : أن الشيخ يوسف بن عبد الرحمن السنبلاويني الشرقاوي المكي (ت:1285هـ) أكمله ( ) .
20- شرح مسند الحارثي .
منه نسخة بالمكتبة المحمودية برقم :590، تقع في : 342 صفحة، بخط النسخ، بعض أوراقه بخط المؤلف من بعد ق/102، ومنه نسخة أخرى بمكتبة الحرم المكي الشريف برقم : 3160 ميكروفيلم .
أوله :
كتاب النكاح:أبو حنيفة عن القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود المسعود الكوفي…
وآخره :
… قال الحافظ : والمشهور عند الجمهور أنه غسل تعبدي يشترط فيه ما يشترط في نفسه الاغتسالات الواجبة والمندوبة، ويؤيد ذلك ما أخرجه سعيد بن منصور عن ابن عباس .
(إلى هنا تنتهي النسخة، وهي ناقصة من آخرها) .
قال أبو طاهر : هكذا وجدت عنوان المخطوط على صفحة الغلاف، ويبدو لي أنها نسخة أخرى من المجلد الثاني من كتاب المواهب اللطيفة، حيث إن المجلد الثاني منه يبدأ من كتاب النكاح كذلك، فليتأكد منه.
21- طوالع الأنوار شرح الدر المختار .
قال فيه الترهتي :
"حافل جدا استوفى فيه غالب فروع مذهب أصحابه، واستوعب مسائل الواقعات والفتاوى بحيث إنه لو قيل :لم يفته منها إلا النذر اليسير لم يبعد ذلك البعد، وهو في بيان غالبها مساير أصحابه إلا قليلا" ( ).
والكتاب يقع في 16 مجلداً، منه نسخة كاملة مصورة (بالمكروفيلم) بمعهد إحياء التراث ا لعلمي بجامعة أم القرى مكة المكرمة، من أصل بجامعة الأزهر بمصر .
ولديَّ مصورة المجلد التاسع من نسخة أخرى، يبدأ من كتاب الشركة، حصلت عليها بالتبادل من مكتبة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، عام : 1404هـ، وهي فيها برقم : 620، بخط نسخي مكبر يميل إلى الفارسية، في : 514 ورقة، كتبها : معوض سلامة المالكي الطحطاوي، فرغ من نسخها : يوم الأحد : 28/1/1289هـ .
والنسخة من وقف الشيخ أحمد سليمان باشا بمسجد جده الشيخ إبراهيم باشا بحارة المغاربة، وجعل مقره بخزانة كتب المسجد المذكور، وإذا تعذر الانتفاع به باندراس المسجد المذكور معاذ الله فيكون مقره في المسجد النبوي ينتفع به أهل العلم، كما في الصفحة الأولى من النسخة المذكورة .
وفي الصفحة الأخيرة منها من كلام المؤلف رحمه الله :
وكان الفراغ من تسويد هذا المقام في آخر ربيع الأول سنة 1247هـ، في المدينة المشرفة المحمدية على مشرفها أفضل الصلوات وأكمل التحية .
هذا، وقد أُخذ جزء من المجلد الأول من كتاب الطهارة إلى أبواب المياه كأطروحة لرسالة الدكتوراه بجامعة السند بجامشورو، وأتمنى أن يكمل الكتاب تحقيقاً، ويؤخذ في مرحلتي الماجستير والدكتوراه بالجامعات الباكستانية، وينشر للإفادة العامة، حيث كان قد سمعت من شيخي الفاضل العلامة محمد عبد الرشيد النعماني (رحمه الله) أن بوجود هذا الكتاب لا يحتاج الفقيه إلى حاشية ابن عابدين!، وكان الشيخ المرحوم كثير الثناء على الكتاب، وحريصاً على الاطلاع على نسخة كاملة منه، وإليه يرجع فضل بحثي عن الكتاب دائماً، ومحاولاتي للوصول إلى نسخة منه، حتى حصلت على مجلد واحد منه – أولا – في الجامعة الإسلامية، الذي سبق وصفه، ثم اطلعت على النسخة الأزهرية الكاملة المصورة بالميكروفيلم بجامعة أم القرى، وحصلت منه – ولله الحمد - على مصورة المجلدات الأربع من بدايته من مصورة لدى الأخ الفاضل الدكتور / سائد بكداش جزاه الله خيراً.
قال أبو طاهر : ومن قراءة المجلد الأول من الكتاب اتضح لي أن المؤلف كان قد اطلع على رد المحتار للعلامة ابن عابدين الشامي وأفاد منه في مواضع متعددة، كما أن تأليف طوالع الأنوار كان بعد تأليفه للمواهب اللطيفة حيث أحال إليه في مواضع متعددة .
22- غنية الزكي في مسألة الوصي .
جواب استفتاء، يقع في :9 صفحات، من (ق/100-104) بمكتبة الملك عبد العزيز بالمدينة المنورة، برقم:82، ضمن (المكتبات الموقوفة/مجموعة شلبي)، بخط النسخ،كتبها ناسخها في ربيع الثاني : 1237هـ.
أوله بعد البسملة :
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وآله وأئمة الدين، وصحبه سرج الإسلام والمسلمين، أما بعد : فيقول أفقر عباد الله تعالى إلى رحمته وأحوجهم إلى رضوانه ومغفرته وجنته محمد عابد بن أحمد علي الأنصاري نسباً، السندي مولداً : إنه لما كان صفر سنة ست وثلاثين وألف ومائتين وأنا بالمدينة المشرفة … وصلتني من مكة المشرفة ورقة اشتملت على دعوى المدعي وشهادة الشهود وفتوى مفتي وقتنا بها … أخبرني من أطلقها على أن المفتي عوّل في تصويب ما حرر إن كان صواباً أو تبيين ما فيه إن كان ثمة ما يوجب إصلاحه، فتأملت ما فيها …
ثم ذكر الاستفتاء وفتوى الشيخ عبد الحفيظ بن درويش العجيمي مفتي الأحناف بمكة المشرفة.
آخره :
ثم هذا كله فيما إذا سلم مجلس الحساب عن المراجعة والشهود تصرح في مقالها بالمراجعة فكيف لا تقبل من الرشيد المنازعة بعد ذلك ، هذا قصارى ما انتهى إليه فكري العليل، والله الهادي إلى سواء السبيل، كتبه عجلاً، وقاله خجلاً محمد عابد ابن المرحوم الشيخ أحمد علي الأنصاري نسباً السندي مولداً، غفر الله تعالى له ولوالديه ومشايخه وتاب عليهم جميعاً بفضله وكرمه، آمين .
وكتب الناسخ في آخرها :
تم تحريره من الشيخ في 8 ربيع الأول يوم الجمعة سنة 1236هـ ، ومن الفقير (الناسخ، ولم يذكر اسمه) في سنة 1237هـ ربيع الثاني .
23- فك المحنة بمعالجة الحقنة .
رسالة صغيرة الحجم، كبيرة الفائدة، تتعلق بعلم الطب، تقع في : 13 صفحة، بخط المؤلف، كتبها في : جمادى الثانية : 1238هـ بصنعاء باليمن، منه نسخة بمكتبة الملك عبد العزيز بالمدينة المنورة برقم : 959-355، ضمن ( المكتبات الموقوفة – الساقزلي ) ضمن مجموعة فيها رسائل منطقية، وهي تتعلق بالتداوي بالحقنة الشرجية، وقد ذكر المؤلف في هذه الرسالة كيفية العلاج بها، ودواعيها، بعنوان : فائدة، فذكر :46 فائدة .
24- الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة .
جزء مختصر في الأحاديث الموضوعة، ولديَّ منه نسخة خطية مصورة من أصل بالمكتبة المحمودية بالمدينة المنورة برقم 2784/مجاميع، ضمن مجموعة فيها خمس رسائل، وهو الرابع في الترتيب، في 56 صفحة، من اللوحة رقم : 137-164، بخط المؤلف من البداية إلى اللوحة رقم : 141، ثم يشتبه الخط، قد يكون لأحد تلامذته .
قال أبو طاهر: للإمام الشوكاني - شيخ الشيخ محمد عابد - مؤلَّف بنفس العنوان، ولم أتمكن بمقارنتهما بعدُ.
ثم وفقت للمقارنة بينهما فإذا هو كتاب العلامة الشوكاني، ونسب خطأً إلى الشيخ محمد عابد.
25- القول الجميل في إبانة الفرق بين تعليق الترويح وتعليق التوكيل .
جواب استفتاء ورد إليه من مكة المكرمة، منه نسخة بمكتبة الملك عبد العزيز بالمدينة المنورة ، برقم : 9، ضمن (المكتبات الموقوفة/ مجموعة الشيخ عبد القادر شلبي)، وتقع في : 12 صفحة .
أوله : الحمد لله على آلائه، والصلاة والسلام على أفضل أنبيائه، وآله وصحبه زبدة أصفيائه، أما بعد : فيقول أفقر عباد الله تعالى إلى غفرانه وأحوجهم إلى رضوانه … إني كنت في المدينة المشرفة في سنة 1236هـ وأرسل إلي شيخ الحرم الرئيس المعظم قاسم آغا … ورقة تشتمل على سؤال وجواب لمفتي وقتنا، فالسؤال ما لفظه …
آخره :
ومما صرحوا [به] أن المرأة لو وكلت رجلاً بأن يزوجها رجلاً ولم تعين … هذا ما أقول ، والله تعالى أعلم بالصواب، كتبه محمد عابد غفر الله تعالى له ولأبويه ومشايخه آمين .
26- الكرامة والتقبيل .
رسالة في كرامات الأولياء، هل هي جائزة الوقوع ؟ وهل التصديق بها واجب أم جائز؟ سواء وقعت في حال الحياة أو غيره، وهل ورد في الأحاديث أن الصحابةكانوا يقبلون يد رسول الله الكريمة أو رأسه أو قدميه الشريفتين ؟.
منها نسخة بمكتبة الملك عبد العزيز بالمدينة المنورة برقم : 30 (المكتبات الموقوفة / مجموعة الشيخ عبد القادر شلبي)، عدد صفحاته :21، بخط النسخ لمحمد عبد الهادي، نقلها في : 1364هـ عن نسخة القاضي قاسم بن القاضي شهاب الدين المهري التي كتبها في :7/4/1265هـ، ولديّ مصورتها.
أوله : الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين وخاتم النبيين، وعلى آله وصحبه هداة الدين، وبعد : فيقول محمد عابد بن أحمد علي الأنصاري الخزرجي الأيوبي نسباً السندي مولداً : إنه قد سألني من لا تسعني مخالفته بسؤال ما لفظه : هل كرامة الأولياء جائزة الوقوع ؟ وهل التصديق بها واجب أم جائز …
آخره : هذا آخر ما فتح الله تعالى علي في إيراد الجواب على ما سأله السائل، قاله عجلاً ورقمه خجلاً أفقر عباد الله إلى رحمته وأحوجهم إلى مغفرته محمد عابد بن المرحوم أحمد علي الأنصاري السندي لاطفه ربه الغني آمين، وكان الجواب في سنة 1224هـ بعد دخولي في الجديد (كذا في الأصل، ولعله : الحديدة) المحروسة وعلى ساق العزم بالسفر إلى بعض الجبال، وأسأل الله تعالى العفو والغفران والفوز بالجنة والرضوان، إنه على ذلك قدير وبالإجابة جدير، وصلى الله تعالى على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
27- كشف البأس عما رواه ابن عباس مشافهة عن سيد الناس.
مخطوط في الخزانة التيمورية بمصر بخط مؤلفه ( ).
28- كف الأماني عن سماع الأغاني.
منه نسخة بمكتبة الملك عبد العزيز بالمدينة المنورة برقم 743-139، ضمن (المكتبات الموقوفة/ الساقزلي) تقع في : 56 صفحة، نسخت في : 1235هـ.
29- مجموعة في إجازات مشائخه له وأسانيدهم نظماً ونثراً.
ذكرها العلامة عبد الحي الكتاني في فهرس الفهارس، وقد رآها ضمن كتبه الموقوفة على المسجد النبوي بالمدينة المنورة وقال :
"لم يتيسر لي تلخيصها وإني آسف على ذلك كثيرا" ( ).
قلت : كنت أظن أن هذا هو ما يوجد بالمكتبة المحمودية باسم :
مسانيد الشيخ محمد عابد السندي، برقم :2652-3، ولكني حينما راجعتها وجدتها إجازة من الشيخ محمد عابد بخطه للمدعو : الحاج محمد مبارك – كذا سماه الشيخ بنفسه -، كتبها له حسب طلبه وإلحاحه (كذا) في أواخر شوال سنة : 1223هـ في بندر الحديدة باليمن، فلعل الكتاب المذكور طارت به حوادث الزمن، حيث إنني عملت فهرساً لمخطوطات علماء السند في مكتبات الحرمين الشريفين فلم أجده فيها.
30- منحة الباري في جمع مكررات البخاري.
كذا سماه المؤلف في إجازته لتلميذه العلامة الشيخ إبراهيم بن حسين المخلص، ومنه نسخة في المكتبة المحمودية بالمدينة باسم : منحة الباري في جمع روايات صحيح البخاري( ) برقم :610، في 966 صفحة، بخط المؤلف نفسه، كتبها في عام : 1220هـ.
أوله : الحمد لله الذي تطمئن القلوب بذكره، وتنشرح الصدور بامتثال أمره، وتقشعر الجلود عن قوارع نهيه وزجره، ونشهد أن لا إله إلا الله …
وآخره : خاتمة فيما جاء في رحمة الله ، عن عمر بن الخطاب … فهذا آخر مما أراد الله من جمعنا للروايات المتفرقة في الأبواب المختلفة من الأحاديث المتعددة … ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
قال فيه الشيخ عاكش الضمدي :
" وله معرفة بصحيح البخاري فإنه ألف في مكرراته مؤلفاً بديعاً حسناً تلقاه الناس بالقبول، وسماه منحة الباري بمكررات أبي عبد الله البخاري( ).
31- منال الرجاء في شروط الاستنجاء .
رسالة فقهية، منها نسخة بمكتبة الملك عبد العزيز بالمدينة المنورة، ضمن مجموعة (موقوفة/شلبي) برقم: 82، تقع في 13 صفحة، بخط نسخي معتاد، لم يذكر ناسخها.
أولها :
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أفضل الخلق محمد سيد المرسلين، وخاتم النبيين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد : فيقول أفقر عباد الله تعالى إلى رحمته … إني لما رأيت بعض أهل عصرنا كثيراً ما يسألون الجهابذة من العلماء عن شروط الاستنجاء تعنتاً وإبانة لعجزهم وإرادة لنشر الجهل عنهم مع أنه ربما كان المسؤول عنه في غالب الأوقات نحرير همام … فكتبت في ذلك أسطراً قليلة فرآها بعض من يلازمني إنها محتاجة إلى الشرح فحررت هذه الأوراق إتماماً للفائدة وسميتها منال الرجاء في شروط الاستنجاء …
وآخرها : وليكن هذا آخر كلامنا في هذه الرسالة، والله تعالى أساله أن يجعل أعمالي خالصة لوجهه الكريم، موجبة للخلود في الجنات مع الفوز بالنعيم المقيم، ويرضى عنا رضاءً لا سخط بعده، ويديم إقامتي بطيبة المشرفة حتى أموت بها شهيداً، إنه على ذلك قدير، وبالإجابة جدير، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
ملاحظة : الأسطر القليلة التي ذكرها المؤلف في سبب هذه الرسالة : هي صفحة واحدة موجودة قبل هذه الرسالة في المجموعة نفسها (ق/107) باسم شروط الاستنجاء .
أوله : الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المطهرين وآله وصحبه أجمعين، أما بعد فيقول محمد عابد بن أحمد علي الأنصاري … إني لما رأيت بعض الناس يسألون العلماء الجهابذة تعنتاً عن شروط الاستنجاء فربما تحير في جوابه مثلي القاصر استخرت الله تعالى وصرفت فكري إلى تحرير شيء في ذلك …
وقد ذكرها الكتاني في فهرسه من مؤلفات الشيخ محمد عابد( ).
32- مناهج الصرفيين .
توجد منه نسخة بمكتبة الحرم المكي برقم : 3178/2 عام ، عدد صفحاته : 23، 21×15، بخط النسخ، والناسخ : لعله المؤلف نفسه، كتبت في : 1252هـ .
أولها : بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وصلاته وسلامه على عباده الذين اصطفى، اعلم أن حروف الهجاء ثلاثون حرفاً، سبعة وعشرون منها تسمى صحيحة، وثلاثة منها تسمى حروف اللين والمد، وهي حروف العلة …
وذكر الفوائد باسم : جوهرة .
وكرر الخطبة في الرسالة ثلاث مرات، ذكر بعد الخطبة الأولى 28 جوهرة، فيها تعاليل صرفية، في اللوحة الخامسة تبدأ الخطبة الثانية هكذا :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد : فهذه فوائد متعلقة بعلم الصرف وقواعده مما لا غنى للطالب عنها، فاعلم أن الألف لا يكون إلا ساكناً، وإن وجدت صورة الألف متحركة أو ساكناً منضغطاً يقال له همزة ، وما قبل الألف لا يكون إلا مفتوحاً …
وفي هذه المرة ذكر 33 جوهرة .
ومن اللوحة الثامنة تبدأ الخطبة الثالثة هكذا :
بسم الله الرحمن الرحيم، رب يسر وتمم بالخير ، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وآله وصحبه أجمعين.
فاعلم أيدك الله تعالى في الدارين أن جميع كلمات لغة العرب لا تخلو من ثلاثة أقسام : إما اسم أو فعل أو حرف، والاسم كرجل وعِلم، والفعل كضرب ودحرج …
ثم ذكر الأبواب … وآخرها اللفيف المفروق.
وفي آخر الرسالة : وقد كملت هذه الرسالة المسماة بمناهج الصرفيين ليلة الاثنين خامس ربيع الأول سنة 1252هـ على يد مُعَرِّبِها محمد عابد بن أحمد علي بن شيخ الإسلام محمد مراد الأنصاري الخزرجي الأيوبي السندي في المدينة المشرفة ، والحمد لله الذي بنعمته وجلاله تتم الصالحات، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم .
قال أبو طاهر : يبدو لي – والله أعلم – أن الرسالة معرَّبة من كتاب إرشاد الصرف بالفارسية المعروفة والمقررة في مدارس بلاد السند وبلوجستان، والأمر يحتاج إلى المقارنة بينهما، ولا توجد لديّ نسخة من الإرشاد – حالياً – وإلا قمت بذلك.
33- المواهب اللطيفة شرح مسند الإمام أبي حنيفة.
كتاب جليل، وشرح نفيس، يقع في مجلدين ضخمين، منه نسخة كاملة بخط المؤلف في مكتبة الشيخ محب الله شاه الراشدي في قرية "بيرجندو" ببلاد السند، وعندي مصورتها، وللعلم أن العلامة الشيخ محمد يوسف البنوري (رحمه الله) استفاد منه كثيراً في شرحه على سنن الترمذي : معارف السنن، ولقد اقترحت على بعض الإخوان من طلاب الدراسات العليا بجامعة كراتشي تحقيقه كرسائل علمية في الماجستير أو الدكتوراه، فسجل البعض منهم رسالته للدكتوراه في جزء منه.
ووصفه العلامة الترهتي بقوله :
"اقتصر في على رواية موسى بن زكريا الحصكفي، ورتب أحاديثه على أبواب الفقه، وأكثر فيه من المتابعات والشواهد لأحاديثه، وبين من أخرجها من أصحاب الجوامع والسنن والمسانيد المشهورة وغيرها، وشمر ذيله لإيضاح مشكلها، ووصل منقطعها ورفع مرسلها، وتكلم في مسائل الخلاف بقدر ما وسعه الحال، وهو كتاب نفيس فيه أشياء يكثر نفعها للفقيه والمحدث" ( ).
أوله :
الحمد لله الذي شرح صدور العارفين بذكره، وألبسهم رداء لطفه وبره، وكساهم حلل الأفضال، وعمهم بمزيد النوال …
وآخره :
شرح حديث في صفة الجنة، وقال في آخره :
وليكن هذا آخر كلامنا في شرح المسند … وكان الفراغ من تمام التسويد يوم الأحد لعله سابع عشر من جمادى الثاني سنة ألف ومائتين واثنين وثلاثين في بندر المخا المعمور، وصلى الله تعالى على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم ، والحمد لله الذي بنعمته وجلاله تتم الصالحات .
وفي المصورة ورقة بعدها، وهي في الحقيقة من كتاب الأطعمة، الحديث الثالث عشر وشرحه.
34- نفحات النسيم الهندي على أغصان ريحان جُدي (نسبة إلى مدينة جدة).
رسالة صغيرة الحجم، تقع في : 42 صفحة، بخط فارسي، منها نسخة بالمكتبة المحمودية بالمدينة المنورة برقم :2784/ مجاميع، ضمن مجموعة فيها خمس رسائل، وهي أولها.
ذكر المؤلف في سبب تأليف الكتاب بأنه وصلت إليه حكاية بأن ريحان وزير أمير مكة كتب إلى الشيخ فقير الله الشكارفوري( ) يطلب منه تلقين الذكر والأخذ عنه فأجابه الشيخ بأن يتوجه الوزير ساعة كذا ويقعد كما يقعد المريد بين يدي الشيخ عند التلقي وأني سأتوجه إليك في تلك الساعة كما يفعله الشيخ عند التلقين، وأنه سيصل إليك عند ذلك أثر تجده في قلبك وتذوقه ...
وفي آخر الرسالة : كتبه الحقير المفتقر إلى جذبات ربه صوب فيوضات رحمته محمد عابد بن أحمد علي السندي الأنصاري الخزرجي في : 27/ذي القعدة سنة : 1220هـ .
قال أبو طاهر : وهذه في الغرابة كأخواتها : الكرامة والتقبيل، وجواز الاستغاثة والتوسل ..!!
هذا وللشيخ محمد عابد رحمه الله هوامش على كتب كثيرة شاهدتها على الكتب التي وَقَفَها لمكتبة الحرم النبوي الشريف وأغلبها يوجد الآن في المكتبة المحمودية التي انضمت أخيرا إلى مكتبة الملك عبد العزيز بالمدينة المنورة .
وانفرد صاحب (نيل الوطر) بقوله : " إنه وقف جميع كتبه في الحرم المكي " ( ).
والحق الذي لامحيد عنه أن الشيخ محمد عابد استوطن المدينة المنورة في آخر أيامه حيث ترأس علماءها، وبها توفي، وهناك وَقَفَ جميع كتبه، والمكتبة المحمودية - التي انضمت في السنوات الماضية إلى مكتبة الملك عبد العزيز بجوار الحرم الشريف - لخير شاهد على ذلك .
ومن ثم يقول الشيخ الحسن الضمدي : ووقف كتبه جميعها على الحرم المدني( ).
ويقول العلامة الزركلي في ترجمته : وجمع مكتبة نفيسة، ووقفها في المدينة ( ).
كما صرح بذلك العلامة الكتاني في فهرسه حيث قال : وقد وقفت على مجموعة إجازات الشيخ عابد من مشايخه بين كتبه الموقوفة منه على المسجد النبوي بالمدينة المنورة ( ).
وقال في موضع آخر من الكتاب في ترجمة الشيخ محمد عابد :
" وخلف مكتبة نفيسة أوقفها في المدينة المنورة اشتملت على نفائس وأصول عتيقة عليها سماعات أعلام الحفاظ..." ( ).

محنته وابتلاؤه :
مما لاشك فيه أن كثيراً من علماء الحق يلاقون أذىً ، إما من حكام أيامهم أو من أهالي البيئة التي يعيشون فيها، والأمثلة على ذلك لا تأتي في العدّ والحصر، فقد ابتلي الإمام أبو حنيفة، وابتلي إمام أهل السنة أحمد بن حنبل، وقبل الإمام محمد عابد بقليل ابتلي فقيه بلاد السند ومحدثها الإمام محمد هاشم السندي أكثر من مرة في مولده ومسكنه حتى اضطر للهجرة إلى مدينة تَتَّه ، وغيرهم كثير، وهذا من سنن الله في خاصته، نسأل الله العفو والعافية.
ومثل هذا ما حدث مع الإمام محمد عابد مرة في الحديدة ببلاد اليمن، وأخرى في المدينة المنورة، وتفصيل ذلك ما يلي :
أ – في الحديدة :
وقصة ذلك كما حكاها الشيخ محمد بن يحيى الترهتى في كتابه (اليانع الجنى في أسانيد الشيخ عبد الغني) : " أن الشيخ محمد عابد السندي رحمه الله تعالى لما كان في الحديدة باليمن أمر قاضيها السيد حسين بن على الحازمي، وكان يشايع الزيدية بعد ما خالف الشريف حمود بن محمد على أهل نجد سنة أربع وعشرين ومأتين (بعد الألف) أن يزيد أهلُها قول : "حي على خير العمل" في ندائهم للصلوات، ويَدَعوا ما توارثوه من السلف في أذان الفجر من قولهم : "الصلاة خير من النوم"، فإنه كان يراها بدعة إنما أحدثها عمر رضي الله عنه في إمرته، فلما رأى القاضي امتناع الناس من ذلك الذي كان يسوله لهم ويدعوهم إليه اشتد باطله، فسطا على الناس وحبس أربعين نفسا من الحنفية الذين كانوا بها مكبولين في قيود من حديد، وكان الشيخ رحمه الله ممن حبسهم وقيدهم، فلم يقصر من عدوانه عليه دون أن زاده أذىً، فجعل في رقبته ورقاب من يلوذ به من خويصة أهله أغلالاً، وأقامهم في الحبس ستة أيام، ثم أخرجهم بأسرهم وخلى سبيلهم غير الشيخ رحمه الله تعالى، فإنه أمر بضربه، فضرب على ذلك، ثم نفاه من الحديدة، وصار يقول [أي القاضي] لجلدته : إنه بلغ من مخالفته له في بدعته التي زينها الشيطان له بحيث يستباح ماله ويبطل دمه.
وكان مع ذلك قد توارى عن قرنه، فلم يبرز من خدره الذي احتجب فيه حتى نفاه وخلا له الوادي، فجعل ينسج بين شيعته أسمالاً من مخاريفه، وهى أوهى من ورق التوت، وأوهن من بيت نسجته العنكبوت، لكنه اغتر بسلطانه، فهان عليه بطر الحق والوقيعة بأهله، وما أحسن بعضهم حيث يقول : ومن يكن القاضي له من خصومـه *** أضرَّ بـه إقراره وجحـوده
إذا كان ما ادعى حقا له عاد باطلا *** ولو كان كل العالمين شهوده ( ).
قال أبو طاهر : لقد كنت قرأت هذه القصة قديماً في اليانع الجني ، ثم وجدت إشارة إليها من المؤلف في المجلد الأول من كتابه طوالع الأنوار شرح الدر المختار ق :511 / أ بأنه استوفى مسألة : حي على خير العمل بحثاً في شرحه على مسند الإمام أبي حنيفة ، أي : في المواهب اللطيفة، فبحثت عنها فيه ووجدتها في : 1/239 بخط المؤلف (رحمه الله)، وفيها زيادة : أن القاضي المذكور ألف في إثبات (حي على خير العمل) رسالة مشتملة على ثلاثة أوراق، منها ورقة اشتملت على هتك حرمة معاوية بن أبي سفيان، ولم نتعرض له، وورقة ونصف على تسفيهه لي وتحقيره شأني، ونصف ورقة في الأدلة، ثم ذكر الشيخ أدلتهم في ذلك، وأجاب عنها بالتفصيل.
ب – في المدينة المنورة :
أما محنته في المدينة، فقد لقي عنفاً وأذىً من أهلها المبتدعين، حيث كان الشيخ رحمه الله يعظهم وينصحهم بالإقلاع عن البدع والخرافات التي اعتادوها، وأصبحت سنناً لديهم، فاشتد عليهم نصح الشيخ لهم، فقاموا عليه وكالبوه ورموه عن قوس واحدة -كما يقول الشيخ الترهتي رحمه الله- حتى اضطر لترك الإقامة بالمدينة النبوية وهاجر منها ( ).
ولعله رجع بعد ذلك إلى بلاده ودخل مدينة "لواري"، وأقام بها ليالي معدودات قضاها مع شيخه محمد زمان السندي رحمه الله، وقيل : إنه رجع إلى اليمن – والله أعلم-( ).
زواجه ونسله :
تذكر المراجع أن الشيخ تزوج في اليمن بابنة وزير الإمام بصنعاء، ولم يُسَمِّ أحدٌ هذا الوزير. كما لم يذكر أحد مسيرة زواج الشيخ، هل كانت زوجته ترافقه في أسفاره ورحلاته إلى مصر والحجاز، ومن الحجاز إلى بلاده : السند أم لا؟ ، والظاهر أنه لم يحدث شيء من ذلك .
أما بالنسبة لذريته ونسله فقد ذكرت الكتب التي ترجمت له بأنه : لم يعقب أحدا.
وقد ذكر الشيخ رحمه الله في أول كتاب جده شيخ الإسلام القاضي محمد مراد رحمه الله المسمى بـ"دفينة المطالب…" ما نصه :
"وقفت هذا المجلد وما بعده من المجلدات الثلاثة ابتغاء لمرضاة الله تعالى وجعلت النظر فيه لنفسي مدة حياتي، ثم إن كان لي ولد ذكر أو أنثى بعد موتى فالنظر له ثم لأولاده وأولاده الأرشد فالأرشد، وإن مت من غير عقب كان النظر فيه لأكبر السادة ورئيسهم في قرية متاري من بلاد السند ينتفع به الخاص والعام بنظره" ( ).
وكان تحريره لهذه الكلمات في شهر ربيع الآخر سنة : 1249هـ.
وهذا يعني أن الشيخ لم يرزق ولداً إلى العام المذكور أعلاه، وما عاش بعد ذلك إلا ثمانية أعوام، والذي يظهر من كلامه أن أهله كانوا معه في ذلك الوقت، وكان يتمنى أن يكون له عقب وذرية يستفيدون من علمه وعلم آبائه إلا أنه انتقل إلى رحمة الله دون أن تتحقق له هذه الأمنية .
قال الترهتي : ولم يخلف الشيخ رحمه الله عقباً، ونعم العقب ما أعقبه من خير ويذكر به مع ما أسلفه من أعماله الزاكية ( ).
كما قال الضمدي : ولم يخلف أحداً، بل مات عقيماً – رحمه الله تعالى-( ).
استدراك :
قال أبو طاهر : وفي أثناء طباعة هذه الأسطر اطلعت على فائدة عجيبة نبهني عليها أحد الإخوة ( ) من كلام الشيخ نفسه في كتاب النكاح من شرحه على مسند الإمام أبي حنيفة المسمى بالمواهب اللطيفة بخط يده ما تدل على أنه –رحمه الله- تزوج وتسرى، ورزق ولداً وبنتاً، ولكنهما ماتا في صغرهما، يقول (رحمه الله) –بعد ما تكلم على رواية فيها : "وأما المرأة فشؤمها سوء خلقها وعقر رحمها"- :
"وهكذا كاتب الأحرف - محمد عابد السندي - قد تزوج وتسرى شيئاً كثيراً، ولم تلد له إلا جاريةٌ ابناً ومات في صغره، وحرةٌ بنتاً وماتت كذلك وهي صغيرة، وطلّق بعض نسائه، فتزوّجتْ بزوج آخر فولدتْ له ما شاء الله، لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع سبحانه وتعالى …" ( ).
وفاته ومدفنه :
توفي - رحمه الله - يوم الاثنين : 18، أو 19ربيع الأول سنة : 1257هـ، الموافق :1841م، ودفن بالبقيع قبالة قبر عثمان على يمين المتجه إليها من قبل دار عقيل ( ).
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

أهم المراجع والمصادر :
1. أبجد العلوم، صديق حسن خان القنوجي ، طبعة دار الكتب العلمية بيروت، عام : 1420هـ .
2. إتحاف المستفيد بغرر الأسانيد، محمد ياسين الفاداني، دار البشائر الإسلامية بيروت .
3. الأربعين البلدانية، محمد ياسين الفاداني، دار البشائر الإسلامية بيروت.
4. الإصابة في تمييز الصحابة ، ابن حجر العسقلاني، مطبعة السعادة، تصوير دار صادر ، 1328هـ .
5. الأعلام، خير الدين الزركلي، دار العلم للملايين، بيروت، ط:6، 1984م.
6. الإمام الشوكاني حياته وفكره، الدكتور/عبد الغني الشرجي، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط:1، عام :1408هـ.
7. إيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون، إسماعيل باشا البغدادي ، دار الفكر ، عام : 1402هـ .
8. البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع، الإمام محمد بن علي الشوكاني، دار السعادة القاهرة ،ط:1، 1348هـ .
9. بذل القوة في حوادث سني النبوة، الإمام محمد هاشم التتوي السندي، تحقيق / أمير أحمد العباسي، لجنة إحياء الأدب السندي جامشورو ، السند ، ط : 1.
10. بلدان الخلافة الشرقية، كي لسترنج ، ترجمة : بشير فرنسيس وكورتيس عواد ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، ط : 2 ، عام : 1405هـ = 1985م .
11. تاريخ الأدب العربي ، كارل بروكلمان، تعريب: د/عبد الحليم النجار، دار المعارف، القاهرة، ط:5، تصوير : المكتبة الفيصلية ، مكة المكرمة .
12. تاريخ الدعوة والعزيمة، لأبي الحسن الندوي .
13. تاريخ الجبرتي (عجائب الآثار في التراجم والأخبار) عبد الرحمن الجبرتي، دار الجيل بيروت .
14. تذكرة مشاهير السند، دين محمد الوفائي، لجنة إحياء الأدب السندي، حيدر آباد السند، ط :1، عام : 1407هـ .
15. تراجم أعيان المدينة المنورة ، لمؤلف مجهول، تحقيق : د / محمد التونجي، دار الشروق جدة ، ط :1، عام : 1404هـ .
16. تراجم شيوخ محمد عابد السندي، محمد عابد السندي ، مخطوط بمكتبة الحرم المكي برقم : 87 ، تراجم / الدهلوي ، نسخ في عام : 1314هـ .
17. تهذيب التهذيب، ابن حجر العسقلاني، مصورة حيدر آباد الدكن ، الهند ، عام : 1325-1327هـ .
18. حدائق الزهر ، الحسن بن أحمد عاكش الضمدي، ت/ الدكتور/إسماعيل بن محمد البشري، ط:1، عام : 1413هـ .
19. حسرة الفحول بوفاة نائب الرسول، محمد عبد الباقي اللكنوي، مطبعة أنوار محمدي، عام : 1305هـ.
20. حصر الشارد في أسانيد محمد عابد، محمد عابد السندي، مخطوط .
21. دفينة المطالب للطالب والراغب في التوحيد والعقائد والفقه الحنفي والسيرة والمواعظ، شيخ الإسلام محمد مراد الأنصاري، بمكتبة الملك عبد العزيز بالمدينة المنورة، ضمن مخطوطات المكتبة المحمودية برقم : 2813-2816 متفرقات.
22. رجال السند والهند، القاضي أطهر المباركفوري، المطبعة الحجازية، بومباي، الهند، عام : 1377هـ = 1958م .
23. الرسالة المستطرفة، محمد بن جعفر الكتاني ، دار البشائر الإسلامية ، بيروت ، ط : 4 ، عام : 1406هـ = 1986م .
24. سير أعلام النبلاء، شمس الدين الذهبي، تهذيب: أحمد الحمصي، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط:2،1413هـ.
25. شهي النغم في ترجمة عارف الحكم، أبو الثناء محمود الألوسي، تحقيق : د/محمد الخطراوي، مكتبة دار التراث، المدينة المنورة، ط:1، عام : 1403هـ.
26. الطبقات الكبرى، محمد بن سعد، تحقيق / محمد عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية بيروت، ط:1، عام:1410هـ .
27. فهرس الفهارس والأثبات ومعجم المعاجم والمشيخات، عبد الحي بن عبد الكبير الكتاني، تحقيق : د/إحسان عباس، دار الغرب الإسلامي، بيروت ، ط : 2 ، عام : 1402هـ = 1982م .
28. فهرس مخطوطات علماء السند في مكتبات الحرمين الشريفين، إعداد : د/عبد القيوم بن عبد الغفور السندي، غير مطبوع .
29. قطر الولي على حديث الولي، تحقيق : د/إبراهيم إبراهيم هلال، دار الكتب الحديثة، القاهرة، عام : 1979م .
30. كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون، حاجي خليفة الشلبي ، استانبول ، ط عام : 1360 هـ = 1941م .
31. الكلمات القدسية، محمد زمان الثاني اللواروي السندي، مخطوط بالمكتبة المحمودية بالمدينة المنورة برقم : 2591.
32. اللؤلؤ المكنون في تحقيق مد السكون، المخدوم محمد هاشم السندي، تحقيق / الدكتور/ عبد القيوم بن عبد الغفور السندي، ط:1، مكتبة الجامعة البنورية بكراتشي عام :1420هـ.
33. المتانة في مرمة الخزانة، جعفر بن عبد الكريم البوبكاني السندي، ت/ غلام مصطفى القاسمي.
34. مجلة ( الرحيم ) ، عدد : مشاهير السند ، للعلامة غلام مصطفى القاسمي السندي ، أكاديمية الشاه ولي الله ، حيدر آباد السند .
35. مختصر الحنابلة ،جميل شطي .
36. المختصر من كتاب نشر النور والزهر ، عبد الله مرداد أبو الخير ، اختصار وترتيب : محمد سعيد العامودي و أحمد علي ، مطبوعات نادي الطائف الأدبي ، ط : 1 ، عام : 1398هـ = 1978م .
37. مسند الإمام أحمد، تحقيق/أحمد محمد شاكر، دار الحديث القاهرة، ط:1، عام:1416هـ.
38. مسند الإمام الشافعي، ترتيب الشيخ محمد عابد السندي، تصحيح يوسف الزواوي، وعزت العطار، دار الكتب العلمية بيروت، 1370هـ.
39. معجم البلدان، ياقوت الحموي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1399هـ.
40. معجم البلدان، ياقوت الحموي البغدادي ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت، عام : 1399هـ = 1979م .
41. معجم المؤلفين، عمر رضا كحالة ، ط دمشق ، عام : 1376هـ.
42. معجم مخطوطات الحرم المكي الشريف .
43. المواهب اللطيفة شرح مسند الإمام أبي حنيفة ، محمد عابد السندي، مخطوط .
44. موطأ الإمام مالك، تحقيق/محمد فؤاد عبد الباقي، تصوير المكتبة الفيصلية، مكة المكرمة .
45. نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر، عبد الحي الحسني الندوي، طيب أكاديمي، ملتان باكستان، عام : 1413هـ .
46. نشأة باكستان، شريف الدين بيرزاده، تعريب : عادل إصلاحي، الدار السعودية للنشر والتوزيع جدة، ط:1، عام:1389هـ.
47. نفحات النسيم الهندي على أغصان ريحان الجدي، محمد عابد السندي، مخطوط بالمكتبة المحمودية بالمدينة المنورة .
48. نيل الوطر من تراجم رجال اليمن في القرن الثالث عشر، محمد ابن زبارة اليماني، المطبعة السلفية، القاهرة ، عام : 1350هـ.
49. هدية العارفين، إسماعيل باشا البغدادي ، دار الفكر ، بيروت ، عام : 1402هـ = 1982م .
50. اليانع الجني في أسانيد الشيخ عبد الغني، محمد بن يحيى الترهتي ، على هامش كشف الأستار عن رجال معاني الآثار لأبي تراب رشد الله السندي .

1 comment:

  1. سائين اوهان جي مهرباني
    طاهر بن عبد القيوم سنڌي

    ReplyDelete